أصدرت نقابة المحامين، بيانًا رسميًا عقب الاجتماع الطارئ المشترك بين مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين، برئاسة عبد الحليم علام، نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، لمناقشة موقف النقابة من تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وذلك على خلفية الاعتراضات التي أبداها رئيس الجمهورية على بعض مواده.
وأكدت النقابة في بيانها أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان قد أبدى اعتراضه على ثماني مواد فقط من إجمالي 552 مادة، في خطوة وصفتها النقابة بأنها تعكس وعيًا كاملاً بخطورة التشريع وأثره على العدالة الجنائية، مشيرة إلى أن مذكرة الاعتراضات الرئاسية جسدت حرص القيادة السياسية على تعزيز ضمانات الدفاع وصون الحقوق الدستورية للمتهمين.
وذكرت النقابة أنها أبدت دهشتها واعتراضها الشديد على ما وصفته بـ”التحريف” الذي جرى داخل اللجنة الخاصة بمجلس النواب خلال مناقشة المواد محل الاعتراض، بعد أن قدمت وزارة العدل صياغات جديدة تتضمن استثناءات تخالف نصوص الدستور والمذكرة الرئاسية نصًا وهدفًا.
وأوضح البيان أن المادة (105) من مشروع القانون تنص على وجوب حضور المحامي مع المتهم أثناء التحقيق أو المواجهة، ووجوب دعوته للحضور، بينما أجازت التعديلات الأخيرة حرية للمحقق في استجواب المتهم دون حضور محامٍ، وهو ما اعتبرته النقابة انحرافًا عن مضمون توجيهات رئيس الجمهورية، وتقويضًا واضحًا لحق الدفاع.
انتقاص من الضمانات الدستورية
وأشار البيان إلى أن المادة (54) من الدستور المصري تنص صراحة على أنه “لا يبدأ التحقيق مع المتهم إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محامٍ نُدب له محامٍ”، ما يجعل أي نص تشريعي مخالف لذلك باطلاً دستوريًا ومجافيًا لمبادئ العدالة.
وأكدت رفضها القاطع لما وصفته بمحاولات الانتقاص من الضمانات الدستورية التي تكفل حق الدفاع، معتبرة أن ما جرى داخل البرلمان يمثل توجهًا خطيرًا يهدد منظومة العدالة. وشددت على أن أي مساس بحق الدفاع يُعد عدوانًا على دولة القانون وتحديًا لإرادة القيادة السياسية والدستور وضمير الأمة.
وأوضحت النقابة أن انسحاب نقيب المحامين عبد الحليم علام من اللجنة الخاصة لمناقشة الاعتراضات الرئاسية كان رسالة قوية بالرفض، وانحيازًا واضحًا إلى سيادة القانون والدستور، مؤكدة أن النقابة ستتخذ كل الوسائل المشروعة للدفاع عن الدستور وكرامة المحامين وحريات المواطنين.
كما أشادت بموقف عدد من أعضاء مجلس النواب الذين دعموا موقفها وأكدوا إدراكهم لقيمة ودور المحاماة كركيزة أساسية في منظومة العدالة.
وفي ختام البيان، ناشدت نقابة المحامين رئيس الجمهورية ومجلس النواب سرعة الانتهاء من مناقشة مشروع القانون قبل انتهاء الفصل التشريعي الحالي، ودعت جميع مؤسسات الدولة إلى التكاتف لمواجهة أي محاولات لخلق أزمات أو الوقيعة بين السلطات.
حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الموقف
كما أعلنت النقابة عن عقد مؤتمر صحفي موسع يوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025، لعرض موقفها من التعديلات أمام الرأي العام ووسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، إلى جانب إعداد مذكرة تفصيلية تُرفع إلى رئيس الجمهورية ورئيسي الوزراء والبرلمان، تتضمن رؤيتها لتصويب المواد محل الخلاف وفقًا للدستور.
وأكد البيان أن مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الموقف، مشددًا على أن نقابة المحامين ستظل حصنًا منيعًا للحريات وركيزة أساسية في بناء العدالة وصون دولة القانون، مجددًة العهد على الدفاع عن الحقوق والحريات.