تحليل سياسي
في الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة بنود لا يمكن أن تمر.
الخطة المفخخة في بنودها وتفاصيلها يمكن أن تكون ضربة قاصمة لفكرة المقاومة وشرعيتها، ولمستقبل القضية الفلسطينية بشكل عام.
بندان ضمن العشرين الذين طرحهم الرئيس الأمريكي هما الأكثر إثارة للجدل، وهما الأصعب في تصور أي وضع مستقبلي لغزة.
البند الأول والأصعب هو الحديث عن تسليم حماس للسلاح والخروج الطوعي لأعضائها من غزة بلا ملاحقة.
هذا البند يستحيل تنفيذه لسببين:
الأول أنه يطعن في شرعية المقاومة، ويجبرها على التخلي “بشكل رمزي على الأقل” عن السلاح الذي هو رمز لشرعيتها، وهو حق وطني وأخلاقي تمنحه القوانين الدولية للشعوب لمقاومة المحتل.
في موافقة حماس على تسليم السلاح تخلي عن كل ما سبق، بل واعتراف صريح بهزيمة مدوية تطرح السؤال الصعب: لماذا كانت 7 أكتوبر ولماذا تمت عملية طوفان الأقصى إذا جاءت النهاية بهذا الشكل المعبر عن الهزيمة والاستسلام؟
السبب الثاني في صعوبة تنفيذ هذا البند هو احتمالية رفضه من جانب الشباب الذين يحملون السلاح ويتحركون على الأرض لمقاومة المحتل، وفي حالة وافقت قيادات حماس عليه ربما تتعرض الحركة نفسها لانقسامات شديدة بين المستوى السياسي الذي يفاوض والذي يتخذ القرار، وبين المقاتلين الذين لن يتقبلوا فكرة تسليم سلاحهم تحت أي ظرف.
الأمور يمكن أن تصبح أكثر تعقيدًا إذا سلمت حماس السلاح، ثم اجتاحت إسرائيل غزة، أو فرضت عليها إجراءات أمنية مشددة ليست واردة في بنود خطة ترامب، وهو ما يعني هزيمة ساحقة لحماس، ولا نبالغ إن قلنا أنها بداية النهاية لمستقبلها كله.
البند المستحيل الثاني هو وضع غزة تحت الوصاية، بتشكيل مجلس لإدارة غزة بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير نائبًا له.
هذه الإدارة، بحسب الخطة الأمريكية، تستبعد كل وجود لحماس أو السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أبو مازن في إدارة غزة مستقبلًا، وهو ما يعني أن هذه الأرض العربية الفلسطينية يديرها ويحكمها الغرب الأمريكي والأوروبي- أمريكا وبريطانيا- الأكثر قربًا لإسرائيل والذين دافعوا عن كل الإجرام الذي مارسه المحتل طوال عامين.
بشكل عام فإن بنود الخطة الأمريكية تنظر لأزمة غزة المعقدة كقضية أمنية، ليس لها أبعاد سياسية أو إنسانية، ولا تبدأ من الاحتلال بل من حماس وسلاحها وضرورة تحقيق الأمن لدولة الاحتلال على حساب الحق الفلسطيني.