أخبار هامة

رئيس مجلس الإدارة

محمود فؤاد

مدير التحرير

نور الدين نادر

الحكاية من أولها

رئيس التحرير

عمرو بدر

الحكاية من أولها

رئيس مجلس الإدارة

محمود فؤاد

مدير التحرير

نور الدين نادر

رئيس التحرير

عمرو بدر

العبيد لا يملكون حلًا

عمت مساء يا سيدي، رنَّ صوت غريب في أذني مكرِّرًا الجملة أكثر من مرة، ويده اليسرى تهزني محاولةً إيقاظي من النوم. فتحت عيني نصف فتحة لأجد أمامي شخصًا ضخم الجثة، غليظ الملامح، بشارب كثيف يغطي الأنف ويختفي خلف الفم رغم غلظة الشفتين، نصفه الأعلى شبه عارٍ ويرتدي سروالًا يعود لعصر ضارب في القدم.

 

فورًا أغلقت عيني وتقلبت في الفراش لأعطيه ظهري مؤكِّدًا لنفسي أنه حلم، قائلًا بصوت واضح: ما هو ماحدش عاقل يتعشى كوارع ولحمة راس! أكيد العجل كمل في بطنك وطلعلك في الحلم.

أخبار ذات صلة

2758890_0
البيت الأبيض يهاجم لجنة نوبل بعد استبعاد ترامب: اختارت السياسة بدل السلام
IMG-20251010-WA0045
أولى مفاجآت الانتخابات.. محمود بدر يدرس الترشح مستقلًا على المقعد الفردي في شبين القناطر
19_2025-638927151280400421-40
موعد مباراة منتخب مصر أمام غينيا بيساو في تصفيات كأس العالم 2026

 

عاد الشخص لهز جسمي مرة أخرى مردِّدًا نفس الجملة: “عمت مساء سيدي”. أفقت وانتفضت جالسًا في آخر الفراش، ناظرًا للشخص الواقف أمامي وسألته: هو حضرتك قريب العجل؟ صدقني اللي دبحه المعلم عبد الحميد الجزار. أنا والله ما أكلت إلا حاجة على قد العشا. كمان اللي عملت الأكل ومثلت بالجثة مراتي، أنا ما بعرفش أطبخ.

 

اشرأب شاربه الكثيف واكفهر وجهه وأمسك بسيفه داخل الغمد صارخًا فيَّ: “تحدَّث العربية الفصحى، فأنا لا أفهم لغتكم! ثم عن أي جثة تتحدث؟ أشعر أنك تسخر مني، وواضح أنك لا تعلم من أنا”. ووقف بزهو رافعًا وجهه لأعلى وقال: “أنا مسرور، سياف الملك شهريار”.

 

ارتعدت أوصالي وانكمشت تحت الغطاء قائلًا: “سيبني لبكرة الله يخليك”. امتعض مسرور: “كم سئمت من هذه الجملة! سمعتها من مولاتي شهرزاد؛ ورق قلب مولاي شهريار لها، فحرمني من متعة قطع رقبتها. ألف ليلة متتالية توقف فيها سيفي عن العمل، بعدها نجحت في إخضاع الملك بسبب جمالها وحسن حكيها، فأحالني للتقاعد”.

 

قفزت لأبعد مكان في الفراش بعيدًا عنه وأنا أقول: “وعملت shift career وبقيت بتدبح الرجالة؟ ولا إنت يا عم قريب العجل وجاي تنتقم له؟ والنبي أنا لا دبحته ولا طبخته! والنعمة اللي دبح المعلم عبد الحميد واللي طبخت لحمة الراس والكوارع مراتي. كل اللي عملته إني أكلت حتة قد كده”، وأشرت بأطراف أصابعي محاولًا إقناعه بصغر حجم ما أكلته.

 

اقترب مني وأمسك بي مربتًا على كتفي: “لماذا تخاف مني وتهذي بلغة لا أفهمها؟ أنا هنا لخدمتك مبعوثًا من الملك شهريار”. أمسكت يده ووضعتها بجواره: “شهريار بقى ولا شهر ديسمبر! حتى كده كده القبض قليل وما بيكفيش”.

 

عقد حاجبيه ونظر شذرًا وقال: “قبض! أهناك مارق؟ هيا بنا لنقبض عليه وأعيد سيفي للعمل”.

 

يا صديقي مسرور، القبض غير القبض! وتوقفت عن الكلام ثم استطردت مكمِّلًا حديثي بالعربية: “القبض في عرف الأيام الحالية معناه الأجر مقابل العمل، ونحن نأخذ راتبنا كل شهر نظير العمل”.

 

هز مسرور رأسه قائلًا: “مثل الفرنجة”. ابتسمت وأجبت: “تمامًا كالفرنجة، لكن نحن نعمل مثل الفرنجة ونأخذ أجرًا كالصومال”. سألني بسرعة مبدِيًا عدم فهمه: “الصومال؟!”

 

قلت له: “لا تشغل بالك، إنها دولة فقيرة”. ابتسم وقال: “ما عملك يا بُني؟” قلت له: “صحفي”. وقبل أن يسألني عن معنى كلمة صحفي، قلت: “مثل المنادي في زمنكم”. ابتسم بصوت عالٍ وقال: “وأين حمارك؟” ضحكت وقلت له: “أقوم بعملنا كلينا أنا والحمار”. تعجب: “أأنت حمار؟!”

 

يا مسرور، لا طبعًا. فقط لا نحتاج الآن للحمار في الانتقال، لأننا اخترعنا وسائل نقل أخرى. هز رأسه وقال: “ok”. سألته متعجبًا: “ok؟” فضحك مرة أخرى وبرم شاربه الكث: “ok مثل الفرنجة”.

 

جلست على المقعد المواجه للفراش وسألته: “صارحني من فضلك، ماذا تريد مني؟” رد قائلًا: “أنت المسئول عن استدعائي”. وأشار بما يعني: دعني أكمل كلامي. “كتبتَ على تويتر منذ أيام مستنجدًا بالعبد مسعود”. سألته: “وما علاقتك بتويتر وفيسبوك؟”

 

قال: “كل ما تكتبونه على مواقع التواصل الاجتماعي نراه لحظة النشر صوتًا وصورة”. أجاب أثناء جلوسه واضعًا ساقًا فوق ساق.

 

ضحكت بشدة: “وتلاقيك بتعمل شات يا مسرور! آه يا خلبوص”. أمسك يدي بقوة قائلًا: “عدت مرة أخرى للحديث باللغة الغريبة. سبب اهتماماتنا بمواقع التواصل الاجتماعي كونها وسيلة اتصالنا الوحيدة بعالمكم”.

 

وأضاف قائلًا: “عندما طلبتَ في تويتة عون العبد مسعود، أرسلوني لك بدلًا منه، لأنه الآن منتدب للعمل في غزة لضبط الأوضاع في القطاع”.

 

ألجمت المفاجأة لساني، غير معقول العودة والانتقال من زمن لآخر إلا إذا كانت لحمة الراس من المسكرات، والكوارع مادة مخدرة، والمعلم عبد الحميد أهمل مهنة الجزارة وبات في الخفاء “بيفيش الهوامش”، أو أنه ذبح بالخطأ العجل المقدس، ومسرور إما أنه خادم العجل أو قريبه وجاء لينتقم مني بطريقته. يا رباه! تويتة الاستنجاد بالعبد مسعود كانت مجرد دعابة ساخرة، قلتها رافعًا يدي للسماء.

 

صرخ فيَّ مسرور قائلًا: “أحتاج فقط للخريطة التفاعلية للسوق المصرية، وكذا أسماء التجار الفاسدين سبب ارتفاع الأسعار لأنفذ ما أُرسلوني من أجله”. وسحب تليفوني المحمول ونقل بعض البيانات في آلة غريبة في يده واختفى تمامًا بعد أن وضع محمولي على المنضدة.

 

استمرت الدهشة بشكل كاد يفجِّر رأسي. عبد من كتاب الحواديت مدرَّب على التكنولوجيا حضر بسبب تويتة كتبتُها مستنجدًا بسخرية بعبد من زمن آخر! كيف تحولت الأمور لفيلم هندي قديم مكتمل الأركان ينقصه فقط فيل يحلِّق في سماء الغرفة؟ ونظرت للسقف لأتأكد من أن الليلة العبثية لم تُرسل فيلًا هنديًّا يرتع في سقف غرفتي ويرقص تانجو بزلومته القرمزية.

 

وتذكرت أن العبد مسعود كان مضطهدًا أثناء حكم الحاكم بأمر الله، كونه عبدًا أسود، وأنصفه خليفة الدولة الفاطمية المثير للجدل وعيَّنه مرافقًا له.

 

وحسب الرواية المنقولة بالحكي عبر الأجيال، استغل الحاكم بأمر الله بنيان العبد مسعود القوي وقدرته الجسمانية الفائقة في ارتكاب الفحشاء مع شهبندر التجار وسط السوق أمام كل التجار والمتواجدين بعد ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وكرر نفس الفعل مع بعض التجار الجشعين لضبط السوق وإعادة الأسعار للأرقام الطبيعية.

 

وابتسمت بشدة لفكرة تواجده منتدبًا في غزة الآن. لكن للحق، لا مسرور ولا مسعود ولا ملايين غيرهم يستطيعون الإنقاذ؛ فالعبيد على مر التاريخ لا يملكون حلولًا، الأحرار فقط المؤهلون للقيادة.

 

مر وقت لا أعرف قليلًا كان أو كثيرًا، وفجأة حدثت ضجة كبيرة وظهر مسرور مرة أخرى يصرخ بشدة موجهًا حديثه لي: “لا أمل مع هؤلاء! لا أنا ولا العبد مسعود نستطيع إصلاح حالهم”. وكرر الجملة بانفعال شديد: “لا أنا ولا العبد مسعود نستطيع إصلاح حالهم”، ظل يرددها بشكل متتالٍ واختفى فجأة مثلما ظهر فجأة.

 

توقف عقلي عن التفكير وحملقت عيناي في لا شيء. وفجأة وجدت يدًا رقيقة تهزني وصوت ابنتي الصغيرة يقول: “اصحى يا بابا، ماما خلصت العشا”. فتحت عيني لأجد نفسي نائمًا على فراشي، والمكان هادئ تمامًا ولا أثر لما رأيت منذ لحظات، وابنتي الصغيرة تبتسم وتقول: “يلا يا بابا بقى، ده العشا النهاردة (الكوارع ولحمة راس)”.

شارك

اقرأ أيضًا

شارك

الأكثر قراءة

Screenshot_20251010_123602
الجارديان: النرويج في حالة تأهب لردة فعل ترامب بعد عدم منحه نوبل
2758890_0
ليس ترامب.. نوبل للسلام تذهب إلى الفنزويلية ماريا كورينا
قفغفا
إعمار غزة.. من يأكل الكعكة؟
images - 2025-10-10T112921
الديوك الفرنسية في اختبار جديد أمام أذربيجان لحسم الصدارة مبكرًا

أقرأ أيضًا

Screenshot_20251010_111427
إعلام عبري: الجيش الإسرائيلي ينسحب من عدة مناطق في غزة
Screenshot_20251006_093021
طقس اليوم الجمعة.. خريفي معتدل مع انخفاض طفيف في درجات الحرارة
IMG-20251010-WA0026
"مقلد": اخترت العودة إلى شجر دمياط في "سكة بيضا"
أبوظبي تعلن استضافة كأس السوبر المصري
أبوظبي تعلن استضافة كأس السوبر المصري نوفمبر المقبل