في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الصحفية، أنهت هيئة الإذاعة البريطانية BBC تعاقدها مع الصحفي المصري مهاد الشرقاوي، متهمة إياه بـ”معاداة السامية” بسبب منشور قديم على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك.
قرار المؤسسة العريقة فجر موجة تضامن واسعة، وسط اتهامات لها بإزدواجية المعايير وانحيازها الواضح لإسرائيل، بينما وصفت الصحفية رشا قنديل ما حدث بأنه “قناع لإخفاء التحيز” وعقاب ممنهج يطال الصحفيين العرب باعتبارهم الحلقة الأضعف داخل المؤسسة.
رشا قنديل الصحفية المصرية بـ BBC، أعلنت تضامنها مع الصحفي مهاد الشرقاوي، واصفة قرار فصله بالمتعسف، قائلة إنها لا ترى أي نشاط للزميل يعيب المؤسسة.
وقالت قنديل، في حديثها مع “القصة”، إن حكاية معاداة السامية ما هي إلا قناع لإخفاء تحيز المؤسسة الواضح لإسرائيل، وخوف من الموضوعية التي اعتادت المؤسسة الحفاظ عليها قبل حرب أوكرانيا، إلا أنها سرعان ما تلاشت بعد الحرب واغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة، وأوضحت معاناة زملائها داخل المؤسسة في الحفاظ على موضوعيتهم وحيادهم مما يدين إدارة المؤسسة وسياستها.
وأكدت قنديل، أن هذه ليست الواقعة الأولى، فـ هناك العديد من الوقائع التي تمت من قبل مؤسسة الـ BBC ضد الزملاء الصحفيين بسبب منشور أو تغريدة، وأشارت إلى المشكلة التى تواجهها إدارة المؤسسة حيث أصبحت ايديها مرتعدة وتخفيف ذلك بمعاقبة الزملاء، بدلا من النظر لسياستها التحريرية التي أصبحت منحازة بشكل واضح للكيان الصهيوني.
وأضافت، أن الإدارة تعاني من إزدواجية في المعايير بشكل كبير ومعيب جدا، إذ تتعرض لضغوط من منصات مرتبطة بلوبيات صهيونية فتلقي باللوم على الصحفيين العرب باعتبارهم الحلقة الأضعف، وهو ما يضر بسمعتها أمام الرأي العام الممول لها.
وشددت على أن الصحفيين لم يرتكبوا خطأ، وأن التعبير عن الانحياز للقضية الفلسطينية لا يعني غياب الموضوعية بل يعكس انسجاما مع الضمير والوعي الجمعي للجماهير.
ومن ناحية أخرى، إيمان عوف رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، قالت إن هذه الواقعة هي تجسيد لـ ادعاء الـ BBC بـ تبني الدفاع عن الحرية، وقد تجلت الهيمنة والسيطرة العالمية على الإعلام الغربي في هذا المشهد، ومدى انحياز هذه المؤسسات للكيان الصهيوني ،وغياب آليات عمل حقيقية بها، لافتةً أن مهاد الشرقاوي، صحفي مصري، ومن المتعارف عليه أن مصر وشعبها تقف دائما في صفوف الشعب الفلسطيني وقضيته، فـ كيف لمؤسسة شعارها حرية الرأي تعاقب صحفي على رأيه الخاص.
وأعلنت إيمان، رفض النقابة لهذا العقاب ووصفته بـ عقاب مزدوج، وأنها سوف تقف مع الزميل في كافة الإجراءات القانونية التي سيلجأ لها.
وذكرت إيمان، في حديثها مع “القصة”، أن النقابة أرسلت خطابًا رسميًا لمكتب الهيئة بالقاهرة، وفي انتظار رد من الـ BBC، وأن لجنة الحريات بصدد إطلاق بيان خلال الساعات القادمة لإعلان تضامنها مع الزميل مهاد الشرقاوي.
وقالت، إن الصحفي لديه المساحة الشخصية الكاملة في التعبير عن رأيه ووجهة نظره طالما لم تحض على كراهية أو خوض في الأعراض.
وأكدت أن النقابة، تأمل أن تراجع الـ BBC قرارها وسياستها في التعامل مع الزملاء، وبناءً على ردها سوف يتم التحرك، وإن رفضت الهيئة الاعتراف بالخطأ، فسوف تقوم النقابة بدراسة كافة الإجراءات القانونية والنقابية التي يمكن اتخاذها.
بدوره أدان نقيب الصحفيين خالد البلشي ما قامت به الـ BBC في خطاب رسمي، وطالب بمراجعة هذا القرار فورا، وأعلن تضامنه الكامل مع مهاد الشرقاوي، وأكد إن ما تم بحقه ما هو إلا انتهاك صريح لحرية التعبير وحقوقه المهنية.
وفي منشوره على صفحته الشخصية، أدان مهاد الشرقاوي، قيام نائب رئيس تحرير البرنامج في لندن وذكر أنها عربية الجنسية بالتفتيش في حسابه المغلق، وإرسال سكرين شوت للمدراء لبوست نشره من عامين لضربات حماس لإسرائيل في وقت لم يكن فيه صحفيا لدى BBC، لتقم الإدارة بعد ذلك بإبلاغه في إيميل رسمي بأن أدائه على مواقع التواصل الاجتماعي لا يتماشى مع مبادئها متخذة تلك الإجراءات غير المهنية والتعسفية.