“أنا متلاحقة ومهددة بالقتل من والدي وشقيقي فقط لأني اخترت أعيش مستقلة وأرفض ارتداء الحجاب”.. بهذه الكلمات بدأت “رباب و م” روايتها، التي تعكس مأساة متكررة لعدد كبير من الفتيات في مصر.
رباب التي تعرضت – بحسب روايتها – لأشكال متعددة من التعنيف داخل منزلها، قررت أن تغادر البيت بإرادتها لتبدأ حياة جديدة قوامها العمل والدراسة، لكن هذا القرار فتح عليها بابًا واسعًا من الملاحقات والتهديدات التي طالتها وطالت صديقاتها.
تقول: “آخر خلاف قبل ما أمشي كان لما قلت لهم عايزة أشتغل وأستقل ماديًا، قالوا معندناش بنات تشتغل لما أصريت على النزول للشغل بدأوا يعنفوني بالأيام”.
تهديدات
لم تتوقف الملاحقة عند حدودها الشخصية، على حد تعبير رباب، فبعد أن استعاد والدها خط الهاتف المسجل باسمه، تمكن – وفق ما كشفته رضوى عبد المنعم دفاع الفتاة- من الوصول إلى بيانات صديقاتها. تقول المحامية خاص لـ “القصة”: “الأب والأخ حصلوا على أسماء البنات وأرقامهن وعناوينهن، وبدأ الأخ يتواصل معهن مباشرة، يدخل بيوت بعضهن ويواجههن بمعلومات شخصية لا يمكن أن يعرفها إلا من خلال بيانات شركات الاتصالات”.
الأمر لم يقتصر على الإزعاج، بل وصل إلى حد تهديد الفتيات وأسرهن وتوريطهن في القضية عبر اتهامات باطلة، على حد تعبير عبد المنعم.
ممنوع
المحامية رضوى عبد المنعم، الموكلة عن رباب، تروي تفاصيل أكثر صعوبة:
“توجهنا لعمل محضر إثبات حالة وعدم تعرض، لكن قسم الشرطة المختص رفض تمكيننا من تحرير المحضر، بحجة أن رباب لازم تحضر بنفسها، رغم أن القانون يجيز للمحامي ذلك بموجب وكالة رسمية موثقة”، حتى توجهت رضوى، إلى النيابة العامة.
تسجيلات صوتية تكشف المستور
الأخ لم يكتفِ بالملاحقة والتهديدات، بل ظهر في تسجيل صوتي حصل عليه موقع القصة، يقول فيه: “أنا اللي موقف لها المحضر وموقف كل حاجة”. وفي تسجيل آخر يعترف بضربها في أثناء خلاف مع والدها.
تقول رضوى: “معايا ريكوردين واضحين جدًا: الأول عن تعطيل المحاضر، والثاني اعتراف صريح بالاعتداء. هذه أدلة مهمة يجب أن تحقق فيها النيابة”.
ظاهرة تتكرر
رضوى عبد المنعم لا تعتبر ما حدث مع رباب حالة فردية: “أنا بشوف يوميًا عشرات الحالات المشابهة.. بنات يتعرضن لعنف أسري قاسٍ، لكن القليل منهن يجرؤ على اتخاذ خطوات قانونية، إما خوفًا من الأهل أو من نظرة المجتمع”.
وترى أن الأزمة ليست في القوانين نفسها بقدر ما هي في التطبيق: “الفجوة الحقيقية مش في النصوص القانونية ولا في الخطاب الرسمي اللي بيتكلم عن تمكين المرأة.. الفجوة في التنفيذ على الأرض.
استغاثة أخيرة
رباب نفسها ختمت روايتها برسالة استنجاد: “أنا مش لاقية أمان ولا عارفة أعيش حياة طبيعية.. في أي لحظة ممكن اتقتل. كل ذنبي إني قررت أكون مسؤولة عن حياتي، وأني مش عايزة أعيش عبدة في بيت أهلي. القانون هو أملي الوحيد، بس حتى دلوقتي مش عارفة ألاقي حماية حقيقية”.