تحليل يكتبه: عمرو بدر
هناك بجانب الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء كانت القاعة تتسع للجميع إلا لشخص واحد.
غاب نقيب الصحفيين- أو تم تغييبه- عن لقاء رئيس الوزراء مع رؤساء تحرير الصحف والمواقع أول من أمس دون سبب معلن أو مفهوم.
هذا الغياب للممثل القانوني لنقابة الصحفيين، المنتخب من الآلاف من أعضاء النقابة كان أوضح من الحضور نفسه، وأكبر من أن يخفيه أحد.
المشهد غير المبرر لا يمكن أن نرتكن في تفسيره إلى الصدفة، أو إلى الجملة التاريخية: “شيء مش مقصود”.
ولمن لا يعرف- وإن كنت أظن أن الجميع يعرف- فإن النقيب بحكم القانون هو الممثل القانوني للنقابة التي تضم آلاف الصحفيين، وهو المتحدث باسم النقابة، وهو الذي يملك بحكم القانون أيضًا أدوات الدفاع عن المهنة، وحقوق العاملين فيها، وحين يغيب عن لقاء بهذا الوزن يصبح سؤال الغياب مهمًا بنفس أهمية تفاصيل ما قيل من تصريحات في هذا الاجتماع.
الرسالة التي نخشى أن تكون مقصودة من عدم دعوة النقيب لهذا الاجتماع هو أن تطوير المحتوى الصحفي شأن تختص به الحكومة والمؤسسات فقط، وأن النقابة ليست شريكًا في الأمر.
هذه الرسالة- إن صحت- فإن معناها الضمني هو أن أصحاب المهنة أنفسهم قد تم تغييب صوتهم ونفي رؤيتهم خارج مشهد التطوير المنتظر.
وفي حضور النقيب لمثل هذا الاجتماع ما يطمئن الجميع بأن الحكومة تحترم القانون، وتؤمن أن دور النقابة يتجاوز الخدمات والبدل والمعاشات ليصل إلى المسؤولية عن تطور المهنة واستقلالها، وحرية الصحفي في مواجهة أي تغول من السلطة التنفيذية، وعن المساهمة في تقديم محتوى صحفي يعبر عن المجتمع وقضاياه الكبرى.
في أي تطوير منتظر لا يجب تجاوز دور وحضور نقابة الصحفيين، بل أنها يجب أن تكون شريكًا أصيلًا ورئيسيًا في كل ما يخص المستقبل.
لو اختارت الحكومة استبعاد النقيب- والنقابة- من الحوار الدائر حول تطوير المحتوى الصحفي فلا يمكن التعامل مع الأمر إلا باعتباره “تكليفًا فوقيًا”، لم يشارك فيه الصحفيون، بل وتم استبعاد صوتهم وممثلهم القانوني المنتخب.
هذا المشهد لن يكون في مصلحة الصحافة أبدًا، بل سيغدو خطوة جديدة في مشهد قرارات تصاغ فوق رأس المهنة والعاملين فيها.
لكن يبقى سؤال آخر مطروح: لماذا لم يسأل أحد من الزملاء الحاضرين، وقد كانت كثير من مداخلاتهم مهمة، عن سبب غياب نقيب الصحفيين عن لقاء حضره رؤساء الهيئات الإعلامية ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات؟
باختصار: لا يمكن أن نصل لمشهد صحفي جديد بدون الممثل المنتخب للصحفيين، ولا يمكن قبول أن يظل مقعد نقيب الصحفيين فارغًا في قاعة فخمة تتحاور في سبل تطوير المحتوى الصحفي وتطوير المهنة.