رغم أنه ولد في أسرة أرستقراطية غنية تملك مساحة شاسعة من الأراضي يعمل بها مئات الفلاحين، غير أنه اختار في أواخر حياته أن يعتزل الناس جميعا بعد نصف قرن من حياته شهدت نجاحه ككاتب ورب أسرة ومفكر أثرت تعاليمه في كثير من قادة العالم ومصلحيها في القرن الـ 19 والقرن الـ 20، إنه الأديب الروسي الكبير ليو تولستوي صاحب الرائعتين «الحرب والسلام وأنّا كارنينا»
تولستوي يرحل عن منزله
في يوم من الأيام قرر تولستوي فجأة أن يلقي بقلمه، ويترك دفء غرفته، ويغلق الباب وراءه دون رجعة، ثم يتجه بخطوات غير محسوبة إلى محطة القطار لكي يستقل إحدى العربات المتجهة ناحية المجهول الذي لم يعد له حسابا. جاء قرار تولستوي العجيب بعد أن أحس بأنه لا يملك شيئا وأن الأسئلة الوجودية التي ظلّ يطرحها على مدار نصف قرن لم تتحقق، والتي كانت أبرزها أمرا بديهيا جدا، وهو حق الناس في العيش بكرامة والمساواة بين الجميع، ويعود ذلك إلى الزمن الذي عاش فيه تولستوي حيث كان النبلاء يسيطرون على الأمور كافة، بينما عامة الشعب في فقر مدقع.
وعلى إثر ذلك خرج على غير هدى، ثم استقل القطار نحو وجهة لا يعرفها، وخلال رحلته أصيب بـ التهاب رئوي حاد، ونقل إلى استراحة إحدى محطات القطار، حيث توفي هناك في الـ 20 من نوفمبر عام 1910 عن عمر 82 عاما.
خلال هذا الوقت تناقلت الأخبار المحلية والعالمية نبأ اعتزال تولستوي الناس وتركه لمنزله، ومن بين من تأثروا بهذا الموقف التراجيدي، كان الأديب المصري الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي، الذي كتب رسالة إلى تولستوي أسماها «إلى تولستوي» يناجيه فيها ويعدد مناقبه ويستحسن سيرته، وتوجد هذه الرسالة ضمن كتابه الشهير «النظرات».
المنفلوطي يكشف سبب مقالته
في البداية افتتح المنفلوطي رسالته، بعتبة أو مقدمة صغيرة ذكر فيها سبب كتابته هذه الكلمات: “كتبتُ هذه الكلمات على إثر ما جاء في الأخبار أن تولستوي الفيلسوف الروسي المشهور ترك منزله هائمًا على وجهه ليعتزل الناس في أحد الأديرة، أو في إحدى الغابات”.
ونص الرسالة كالآتي: “قف ساعة واحدة نودعك فيها قبل أن ترحل لطياتك، وتتخذ السبيل إلى دار عزلتك، فقد عشنا في كنفك عل ما بيننا وبينك من بُعد الدار، وشط المزار، عهدًا طويلًا كنا فيه أصدقاءك.. وإن لم نرك!.. وأبناءك.. وإن كان لنا آباء من دونك!.. وعزيز علينا أن تفارقنا قبل أن نقضي حق عشرتك بدمعة نذرفها بين يديك في موقف الوداع”.
أسباب اعتزال تولستوي الناس
في هذه الفقرة يسرد المنفلوطي الأسباب التي دفعت الأديب الروسي لاعتزال الناس وترك منزله: “حدثنا الناس عنك أنك ضقت بهذا المجتمع الإنساني ذرعًا، بعد أن أعجزك إصلاحه وتقويمه فأبغضته، وعفت النظر إليه، وأبغضت لبغضه كل شيء حتى زوجك وولدك، ففررت بنفسك منه إلى غاب تسمع زئير سباعه، أو دير تأنس برنّة ناقوسه، وأسجلت أن لا تعود إليه، وأن تقطع كل صلة بينك وبينه إلى الأبد فعذرناك.. ولم نعتب عليك، ولم نسمّك جبانا ولا رعديدًا، ولا مولّيًا ولا مدبرًا، لأنك قاتلت فأبليت، حتى لم يبقَ في غِمدك سيف، ولا فوق عاتقك رمح، ولا في كنانتك سهم.. والعدو كثير عدده، صعب مراسه، وافرة قوته، والشجاعة في غير موضعها جنون، والوقوف أكثر من ثمانين عامًا أمام عدو لا أمل في براحه، ولا مطمع في زياله، عناد!..”
المنفلوطي لـ تولستوي: أنت من الفلاسفة العظماء
أما في هذه الجزئية، فيشيد المنفلوطي بثبات تولستوي وجَلده، إذ جعله من الفلاسفة العظماء الذين قاتلوا حتى قتلوا: “وهل يكون مصيرك إن أنت ثبت في موقفك حتى سقطت قتيلا في المعركة، إلا مصير أولئك الفلاسفة العظماء مِن قبلك الذين قاتلوا حتى قتلوا.. فهدرت دماؤهم.. واغتمضت عيونهم قبل أن يروا منظرًا من مناظر الصلاح والاستقامة في المجتمع البشري يعزون به أنفسهم عن أنفسهم، ويروّحون به ما يجدون بين جوانحهم من ألم النزع، وفي أفواههم من مرارة الموت.
ماذا لقيت من الدنيا؟ وما الذي أفدت منها؟
وأين وقع عِلمك وفضلك؟ ولسانك وقلمك؟ وقوة عارضتك ومضاء حُجتك من آثام الناس وشرورهم، وقسوة قلوبهم وأفئدتهم، وظلم ألسنتهم وأيديهم؟”.
تولستوي في مواجهة قيصر روسيا
يستعرض المنفلوطي هنا شجاعة تولستوي في مواجهة القيصر نيكولاس الثاني:
“قلت لقيصر: أيها الملك!.. إنك صنيعة الشعب وأجيره، لا إلهه ومعبوده.. وإنك في مقعدك فوق عرشك لا فرق بينك وبين الأكار -الحرّاث- في المزرعة وذلك العامل في المصنع.. كلاكما مأجور على عمل يعمله، وكلاكما مأخوذ بإتقان ما يعمل، فكما أن صاحب المصنع يسأل العامل هل وفّى عمله.. ليوفي له أجره.
كذلك يسألك الشعب: هل قمت بحماية القانون الذي وكل إليك حراسته فأنفذته كما هو من غير تبديل ولا تأويل.
هل عدلت بين الناس، وآسيت بين قويهم وضعيفهم، وغنيهم وفقيرهم، وقريبهم وبعيدهم؟
هل استطعت أن تستخلص عقلك من يدي هواك.. فلم تدع للحب ولا للبغض سلطانًا على نفسك يعدل بك عن منهج العدل ومحجته؟
وهل أصممت أذنك عن سماع كلمات الملق والمداهنة والمدح والثناء.. فلم تفسد على الناس فضائلهم، ولم تقتل عزة نفوسهم، ولم يذهب بهم الخوف من ظلمك، أو الطمع في ضعفك مذهب الزّلفى – التقرب- إليك بالكذب والنميمة والتجسس، والتسقط، وذلة الأعناق وصرع الخدود؟”.
تولستوي يوضح للقيصر سر بقاء عرشه
في هذه الفقرة يوضح تولستوي على لسان المنفلوطي للقيصر الروسي سر بقاء عرشه وتاجه المرهون برضا الشعب: “فإن وجدك الشعب عند ظنه، ورآك أمينًا على العهد الذي عَهِدَ إليك به، أبقى عليك، وأبقى لك عرشك وتاجك، وحفظ لك يدك التي اصطنعتها عنده، وأحسن إليك كما أحسنت إليه، أو.. لا.. كان له معك شأن غير هذا الشأن، ورأي غير ذلك الرأي!..”.
هنا يثمن المنفلوطي موقف ليو تولستوي أمام القيصر نيكولاس الثاني معجبا بشجاعته وجسارته على قول الحق مهما كان الثمن: “فما سمع منك هذه الكلمات حتى أكبرها وأعظمها، لأنه لم يجد بين الكثيرين الذين يعاشرونه، مَن يُسمعه مثلها، فحقد عليك وأضمر لك من الشر ما يضمر أمثاله لأمثالك، واستعان على مطاردتك بأولئك الذين أذل نفوسهم، وأفسد ضمائرهم بظلمه وجوره من قبل ليعدّهم لمقاتلة الحق ومصارعته في مواقف خوفه وقلقه”.
في هذا الجزء من رسالته، يسرد المنفلوطي مواقف تولستوي المناهضة للإقطاع التي تتشابه مع مبادئ الاشتراكية المنادية بحق التوزيع العادل للأراضي والقضاء على الفجوات الطبقية الشاسعة بين الناس:
“وقلت للإقطاعي: ليس من العدل أن تملك وحدك – وأنت نائم في سريرك بين روضك ونسيمك وظلك ومائك – هذه الأرض التي تضم بين أقطارها مليون فدان، ولا يملك واحد من هؤلاء الملايين – الذين يفلحونها ويحرثونها ويبذرون بذروها ويستنبتون نباتها، ويسوقون ماشيتها، ويتقلبون بين حرها وبردها وأجيجها وثلجها – شبرًا واحدًا فيها، فاعرف لهم حقهم وأحسن القسمة بينك وبينهم، وأشعر قلبك الخجل من منظر شقائهم في سبيل سعادتك، وموتهم في سبيل حياتك، واعلم أن الأرض لله يورثها من يشاء!..”.
تولستوي المثقف العضوي
هنا يشيد المنفلوطي بأن تولستوي لم يكتفِ بنصيحة الإيقطاعيين بل طبق كل ما نادى به أو دونه في كتبه على نفسه أولًا، وقد أسمى الفيلسوف الماركسي الإيطالي أنطونيو جرامشي من يفعل ذلك بـ «المثقف العضوي»: “ثم لم تقنع بما بذلت له من العظة والنصيحة حتى ضربت له مثلًا من نفسك، فعمدت إلى أرضك فجعلتها قسمة بينك وبين القائمين عليها من الزارعين، ثم عمدت إلى فأسك فحملتها.. وماشيتك فأخذت بزمامها، ولم تزل سائرًا حتى بلغت مزرعتك الصغيرة التي استبقيتها لنفسك، فضربت مع الضاربين، وخضت مع الخائضين، لتُعلِّم الجبار بفعلك ما لم تستطع أن تعلمه إياه بقولك، فسخر منك!.. ورثى لعقلك!.. وألف من أحديثك رواية غريبة يروّح بها عن نفسه، في مجتمعات أنسه ولهوه، ما يساوره من السآمة والضجر”.
في نقده للكنيسة الأرثوذكسية في روسيا، يروي المنفلوطي على لسان تولستوي:
“وقلت للكاهن: إن المسيح عاش معذبًا مضطهدًا، وأنه أبى أن يخفي المصباح الذي في يده تحت ثوبه، بل رفعه فوق رأسه غير مبال بنقمة الملوك على ذلك النور الذي يكشف سوءاتهم، ويهتك أستارهم!..
وأنت تزعم أنك خليفته، وحامل أمانته، والقائم بنشر آياته، والمترسّم مواقع أقدامه في خطواته.. فما هذه الجلسة الذليلة التي أراك تجلسها تحت عروش الظالمين؟ وما هذه اليد التي تبسطها إليهم بالمودة والإخاء، كأنما تريد أن تعقد بينك وبينهم عهدًا أن يظلموا ما شاءوا.. ويسلبوا ما أرادوا باسمك واسم الكتاب الذي تحمله في يدك؟
وما هذه السلطة التي تزعُمها لنفسك أن تُدخل الجنة مَن تشاء.. وتُخرج منها مَن تشاء؟
وما هذه القصور التي تسكنها.. والديباج الذي تلبسه.. والعيش البارد -أي الهادئ – الذي تنعم به؟ وأنت الراهب المتبتل الذي كتب على نفسه الانقطاع عن الدنيا وزُخرفها إلى عبادة الله والانكماش في طاعته!..”.
تكفير الكهنة
في إشادة كبيرة ومؤازرة له، يتعجب المنفلوطي من رد فعل الكهنة الذي جاء ظالما ومجحفا: “ذلك ما قلتَ للكاهن!.. فكان جوابه أن أرسل إليك كتابَ الحرمان، وهو يعلم أنك لا تعترف له بالقدرة على إعطاء ولا منع.. ولكنه أراد تشويه سمعتك والغضّ من كرامتك.. وإغراء العامة بك، فكان ذلك كل ما أفدت من نصيحتك وعظتك!..”.
المنفلوطي يصف في هذه الفقرة الحزن العظيم الذي أصاب تولستوي جراء سياسات القيصر نيكولاس الثاني القمعية ضد الشعب الروسي: “وأبكاك منظر المنفيين في سيبريا، وما يلاقون من صنوف العذاب، ويعالجون من أنواع الآلام.. فصرخت صرخة دوى بها الملآن: الأعلى والأدنى، وقلت: أيها الناس! إن الشر لا يدفع الشر، وإن الأشقياء مرضى فعالجوهم ولا تنتقموا منهم، فالتربية الصالحة تمحو الجرائم، والانتقام يلهب نارها.
واجعلوا المدارس مكان السجون.. والمعلمين مكان السجانين.
فلم يسمع صرختك سامع، ولا بكى لبكائك باكٍ، وما زال القضاة يحكمون.. والجند يصادرون، والسجانون يعذبون.. والمسجونون يصرخون!..”
وعن كراهية تولستوي الشديدة للحروب وما تخلف من ضحايا، يقول المنفلوطي: “وأزعجك منظر الدماء المتدفقة في معارك الحروب، وبكاء النساء المعولات خلف أزواجهن وأولادهن وإخوتهن، وهم سائرون إلى حرب لا يعرفون لها مصدرًا ولا موردًا!.. وقد حمل بعضهم لبعض ضغائن وسخائم لا سبب لها إلا ذلك الوهم الذي غرسه في قلوبهم قُساة السياسة، فخيل إليهم أنهم أعداء وهم أصدقاء، فخلعوا ثوب الإنسان.. ولبسوا فروة السبع!.. وأنشب كل منهم ظفره في صدر أخيه كأنه يفتش عن قلبه لينتزعه من مكانه.. ذلك القلب الذي لو شق عن سويدائه لوجد لنفسه فيه مكانًا عليًا.. لولا جور السياسة وظلالها.
فما أغنى عنك بكاؤك وحنينك!.. ولا أجدى عليك عويلك وأنينك، فالحرب لم تزل باقية، ومصانع الموت لم تكتفِ بما أعدت من المهلكات لمعارك الأرض، حتى أصبحت تعد مثلها لمعارك السماء”.
المنفلوطي لـ تولستوي: لقد نجوت من حياة لا تناسبك
وأخيرًا، يختتم مصطفى لطفي المنفلوطي رسالته بكلمات مؤثرة في حق ليو تولستوي: “فهنيئًا لك أيها الرجل العظيم ما اخترت لنفسك من تلك العزلة الهادئة المطمئنة، لقد نجوت بها من حياة لا سبيل للعاقل فيها إلا أن يسكت.. فيهلك غيظًا.. أو ينطق.. فيموت كمدًا.
ربما استطاع الحكيم أن يحيل الجهل علمًا، والظلمة نورًا، والسواد بياضًا، والبحر برًا، والبر بحرًا، وأن يتخذ نفقًا في الأرض، أو سلمًا في السماء، ولكنه لا يستطيع أن يحيل رذيلة المجتمع الإنساني فضيلة.. وفساده صلاحًا!..
ما دام الإنسان لا ينتهي عن ظلم الإنسان حتى يخافه، وما دام لا يحسن إليه إلا إذا أراد أن يتخذه عبدًا يعبده من دون الله.
وما دام للأثرة هذا السلطان الأكبر على أفراد المجتمع.. ومن أكبر كباره إلى أصغر صغاره.. فإنسان اليوم هو بعينه إنسان الغابات والأحراج بالأمس، لا فرق بينه وبينه سوى أنه قد أوى اليوم بشروره ومفاسده إلى بيت من الزجاج يفعل فعلاته من ورائه!.. ولكن الزجاج شفاف لا يكتم ما وراءه!..”.
المنفلوطي
واحد من رموز المدرسة الكلاسيكية في النثر، وأحد أهم أدباء القرن الـ 19 وبداية القرن الـ 20، امتاز أسلوبه بالجمع بين الأصالة والمعاصرة مع حفاظه على الشكل التراثي في السرد، غير أعماله التي تأرجحت بين التأليف والتعريب -ليس بمعنى الترجمة-، قيل في أسلوبه أنه كأسلوب ابن خلدون في عصره، إنه الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي.
وسط عائلة يعود نسبها إلى آل بيت النبي محمد ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في بلدة منفلوط -مركز منفلوط- من أعمال مديرية أسيوط – محافظة أسيوط- في الـ 30 من ديسمبر عام 1876 زمن تبعية مصر للدولة العثمانية، وقد سار على نهج آبائه في الثقافة، فحفظ القرآن وتعلم بالأزهر محصلا شيئا من علوم الدين، غير أن شغفه في الحقيقة كان بالأدب، فحفظ الأشعار وكتب الرسائل، وعرب روايات فرنسية، وغيرها.
كان للأستاذ الإمام محمد عبده والزعيم سعد باشا زغلول عظيم الأثر في تكوين شخصية المنفلوطي الأدبية والوطنية، إضافة إلى الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد، الذي نشر بها رسائله التي ستحمل فيما بعد النظرات.
خلال دراسته بالأزهر نُسِب إليه أنه نظم قصيدة هجا فيها الخديوي عباس حلمي الثاني، فحُكِم عليه بالسجن وقضى مدة العقوبة.
عمل في وزارة المعارف محررا عربيا بها، زمن وزارة سعد زغلول، ثم عين في وظيفة كتابية بمجلس النواب إلى أن توفي في الـ 25 من يوليو عام 1925 في القاهرة.
قال عنه أحمد حسن الزيات في كتابه «من تاريخ الأدب العربي»: “كان المنفلوطي قطعة موسيقية في ظاهره وباطنه، فهو مؤتلف الخلق، متلائم الذوق، متناسق الفكر، متسق الأسلوب، منسجم الزي، لا تلمح في قوله ولا في فعله شذوذ العبقرية”.
ومن أبرز مؤلفاته: النظرات – العبرات – مجدولين أو تحت ظلال الزيزفون – في سبيل التاج – الشاعر أو سيرانو دي برجراك.
يعد ليو تولستوي واحد من أبرز الكتاب الروس في القرن الـ 19، لقب بعملاق الأدب الروسي، ألهمت مؤلفاته مشاهير القرن العشرين أمثال: غاندي وكينح ومانديلا، ومثلت روايته الشهيرة «الحرب والسلام» حالة من العجاب الشديد بين أوساط المثقفين والأدب زمن صدورها وفي حياة تولستوي وبعد مماته وعلى مستوى العالم كذلك.
ولد في ضيعة ياسنايا بولينا جنوب روسيا في الـ 9 من سبتمبر عام 1828 لأسرة من الإقطاعيين، درس في كلية اللغات الشرقية بجامعة قازان اللغتين العربية والتركية رغبة منه للعمل في السلك الدبلوماسي، إلا أن شغفه بالقراءة يجعله يعدل عن ذلك خاصة بعد أن ورث ضيعة ياسنايا بولينا.
عارض سياسات الإقطاع والقيصر، وانتقد الكنيسة حتى تم تكفيره من قبل الكهنة، ويعد كتابه «مملكة الرب بداخلك» معبرا عن أهم أفكاره التي دعا إليها وهي المقاومة السلمية ونبذ العنف، وسار على نهجه في ذلك المهاتما غاندي ونيلسون مانديلا.
بعد أن بلغ من العمر 82 عاما، وأمضى حياة حافلة بالنجاحات والتجارب الإنسانية المختلفة، غير وضعه الاجتماعي فقد كان رجلا غنيا لا يحمل أعباء الحياة، إلا أنه مع ذلك أحس بفراغ عظيم، كأنه لم يحقق ما أرد، كأنه لم يملك أي شيء، حياته المترفة أصبحت جحيما بالنسبة له، وكل أسئلته الوجودية لم يحصل على إجابتها بعد مرور أكثر من 30 عاما عليها، فقرر فجأة أن يستقل أول قطار يجده، وخلال رحلته، أصابته وعكة شديدة ألمّت به وتعرف عليه أحد الموظفين، فلما توقف القطار وُضع تولستوي عند استراحة محطة تقع في قرية استابو، إلى أن توفي نتيجة إصابته بالتهاب رئوي، خلال استقلاله القطار، وذلك في الـ 20 من نوفمبر عام 1910.
ومن أبرز مؤلفات ليو تولستوي: الحرب والسلام – أنّا كارنينا – موت إيفان إيليتش – الحاج مراد – البعث – حكم النبي محمد.