وسط عالم يتبدل بسرعة، حيث تتشكل التحالفات وتضارب المصالح بين القوى العظمى، تقف الهند اليوم عند مفترق طرق استراتيجية مثيرة وتتزايد التساؤلات هل تعزز شراكتها مع الصين وروسيا بشكل مستمر ودائم أم مجرد مناورة تفاوضية من أجل تأمين مصالحها؟

وفي هذا الشأن قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن خلال تصريحات خاصة لـ موقع القصة ، إن التحول الأخير الذي حدث للهند بعد سعيها لتعزيز شراكاتها مع الصين وروسيا جاء بعدما كانت متقاربة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى حد ما كان موقفها متباعدا قليلا أيضا عن روسيا بالنسبة للحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تباعدها عن الصين نتيجة خلافات الحدود، إذ شاهدنا في العام الماضي اشتباكات خفيفة.

وذكر حسن، عندما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 50% زيادة الرسوم الجمركية على الواردات القادمة من الهند، أدركت الحكومة الهندية وبخاصة الحالية أن الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب لم تقدر موقفها، بالتالي نتج نوع من المراجعة السياسة على الأقل خلال فترة ترامب، علاوة على تحسين الصورة في العلاقات مع روسيا ومع الصين.
وأشار إلى أن الهند كانت تبتاع من روسيا البترول والغاز، مما تسبب في غضب الولايات المتحدة الأمريكية وفرضها نحو 50% جمارك، لافتا إلى أن الهند اعتبرت أن ذلك قرار أحادي وليس قرارا دوليا اتخذته الدول الغربية بمعاقبة روسيا، كما أنها غير ملزمة به.
وحول إمكانية انضمام الهند فعليا إلى محور ممانعة عالمي، مع الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي الذي تفتخر به منذ عقيدة عدم الانحياز، قال: من الناحية الاقتصادية ستتقارب مع الصين كما سنشهد انفتاحا بين البلدين وتعاونا أكثر على الأقل طيلة فترة إدارة ترامب أو طوال الحرب الأوكرانية.
وأردف: لكن بلا شك سيبقى هناك حد أدنى معين على الأقل في العلاقات بين الهند والولايات المتحدة الأمريكية على ضوء المستقبل، مع تنافس كبير بين الهند والصين، مما يعني أنه سيظل هناك مصالح قائمة، وربما لا تتوسع وربما لا تزيد، موضحًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يأمل بقاء الهند معه في منافسته ضد الصين لكن فرضه الجمارك أفسد هذه العملية.
وصرح: ستظل العلاقات في توازي القوى بما يعني المصالح القائمة، مشيرا إلى أنه في الوقت الحالي شهدت العلاقات التجارية زيادة بين الهند وموسكو، وذلك نتيجة استيرادها البترول والغاز، مؤكدا أن التعاون مع الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، يأتي في النواحي الاقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية.
وذكر مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن أن منافستها مع الصين ستظل من وراء الستار قائمة، رغم تأكيدهم خلال اللقاء الذي عقد بين الرئيس الصيني ورئيس وزراء الهند، أنهم ليسوا متصارعين بل شركاء.

وشدد على أن هناك اتجاه عالمي لمقاومة الهيمنة الأمريكية، وهذه كانت أهم نتيجة لقمة منظمة شنجهاي للتعاون إس سي أو SCO التي عقدت في الصين من 31 اغسطس إلى 1 سبتمبر، حيث أظهرت بكل تأكيد أن الدول التي كانت مجتمعة رغم ما بينها من اشتباكات مثل الهند وباكستان، بالإضافة إلى تركيا أيضا التي تعد من ضمن حلف الناتو.
جميعهم أجمعوا أنه لا بد من مقاومة الهيمنة الأمريكية، ولا يجب أن يكون النظام العالمي، أحاديا إنما متعددا، وأن يكون هناك نوع من الحوكمة والعدالة والانصاف في العلاقات الدولية.
ترامب يفرض رسوم جمركية على الصين

وفي وقت سابق، أفادت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي ودبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حث مسؤولي التكتل على فرض رسوم جمركية على الصين بلغت نحو 100 %، وذلك في إطار استراتيجية للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف المسؤول، أن ترامب شجع الاتحاد الأوروبي أيضا على فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الهند.
ويذكر أن ترامب قدم هذا الطلب، الذي نقل خلال مؤتمر عبر الهاتف، إلى مبعوث الاتحاد الأوروبي المعني بالعقوبات ديفيد أوسوليفان ومسؤولين آخرين من التكتل، كما أن هناك وفدا من الاتحاد الأوروبي في واشنطن حاليا لبحث تنسيق العقوبات.
وشدد ترامب على أن الولايات المتحدة يمكنها في الواقع تعزيز التجارة مع الهند، منوها عبر منشور على منصات التواصل الاجتماعي، إلى أن الولايات المتحدة والهند تعملان على إزالة الحواجز التجارية بين البلدين.
وأكمل أنه يتطلع إلى التحدث مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.