في الذكرى الـ47 لاتفاقية “كامب ديفيد” (17 سبتمبر 1978)، تتصاعد الأصوات مجددًا في مصر للمطالبة بإسقاط المعاهدة التي وُقّعت لاحقاً في 26 مارس 1979، معتبرة أن استمرارها بات «عبئًا سياسيًا وأمنيًا» على مصر والعالم العربي، وأنها أسست لانقسام الموقف العربي وأعطت إسرائيل فرصة لفرض واقع جديد بالقوة.
معصوم مرزوق: إسرائيل أخلّت… ومصر تملك الحق في الانسحاب
السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أكد أن المطالبة بإلغاء الاتفاقية ليست جديدة، لكنها تتجدد مع كل انتهاك إسرائيلي.
وأوضح أن تل أبيب لم تلتزم لا بروح الاتفاقية ولا بنصوصها، إذ نصّت على الامتناع عن التهديد المباشر أو غير المباشر، وهو ما لم يحدث على الإطلاق.
وأضاف مرزوق: من الناحية القانونية، يحق لمصر وفق اتفاقية ڤيينا للمعاهدات أن تتخلى عن التزاماتها، لأن إسرائيل أخلّت بها مرارًا.
أما من الناحية السياسية، فالقرار يحتاج لحسابات دقيقة تتعلق بالاقتصاد والأمن القومي والعقيدة القتالية للشعب».
وشدد على أن الإلغاء لا يمكن أن يتم كرد فعل عاطفي، بل يتطلب إعداد اقتصاد قادر على تحمل تبعات الحرب،
ووضع خطط عسكرية وتكتيكية شاملة، مع تهيئة معنوية ونفسية للمجتمع المصري، بالإضافة لحوار مفتوح مع القوى السياسية لتعبئة الرأي العام.
وحول احتمالات استجابة الدولة للدعوات الشعبية، رجّح مرزوق أن تواصل القاهرة تمسكها بالمسار الدبلوماسي لتجنب الصدام، لكنه حذّر من أن هذا قد يُفسر في إسرائيل كضعف.
لذلك دعا إلى خطوات تدريجية مثل تخفيض التمثيل الدبلوماسي، تقليص التعاون الاقتصادي، والتضييق على السياحة الإسرائيلية، مع بقاء الجيش والشعب في حالة استعداد دائم.
كريمة الحفناوي: كامب ديفيد أخرجت مصر من المعادلة
أمّا الدكتورة كريمة الحفناوي، القيادية بالحزب الاشتراكي المصري، قالت إن كامب ديفيد كانت “مرفوضة منذ اليوم الأول”، مؤكدة أن الهدف الأساسي منها هو تحييد مصر، باعتبارها القوة العربية الكبرى، عن معادلة الصراع العربي–الإسرائيلي.
وأضافت: ما نشهده الآن من تقسيم واضعاف للدول العربية ليس إلا امتدادًا لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بدأ بإخراج مصر من المعركة، وها هو الكيان الصهيوني ينفرد بالمنطقة بدعم القوى الكبرى، ويستبيح الأراضي الفلسطينية.
وأشارت الحفناوي إلى أن إسرائيل لم تحترم أي اتفاقية سلام لاحقة: “أوسلو، وادي عربة، اتفاق 2005.. كلها انتهكت، ما يثبت أن إسرائيل لا تعرف إلا لغة القوة”.
وأكدت أن عقيدة الجيش المصري منذ تأسيسه واضحة: “العدو هو العدو الصهيوني”، وأن البديل الحقيقي عن كامب ديفيد هو التمسك بالسيادة الوطنية والاعتماد على الجيش لحماية الأرض والكرامة.
كما انتقدت غياب أي تجاوب رسمي مع دعوات الإلغاء، مشيرة إلى أن الدولة ما زالت متأثرة بالسياسات الأمريكية، الأمر الذي يضاعف الضغوط على صانع القرار المصري ويجعل خطوة الخروج من الاتفاقية أكثر تعقيداً.
البيان الشعبي: “إسقاط الاتفاقية فورًا”
إلى جانب المواقف الفردية، أصدرت قوى سياسية ومفكرون وإعلاميون بيانًا مشتركًا في الذكرى السنوية للاتفاقية، طالبوا فيه بخطوات مباشرة وعاجلة، أبرزها:
إسقاط معاهدة كامب ديفيد فورًا.
وقف جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل، خاصة التجاري والسياحي.
الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.
الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون المصرية.
فتح معبر رفح أمام قوافل الأطباء والصحفيين وغيرهم لدعم غزة.
إطلاق أسطول مصري لكسر الحصار المفروض على القطاع.
ويرى الموقعون أن استمرار الاتفاقية أسهم في تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وفي فرض واقع سياسي يسمح بطرح مخططات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، ما يهدد الأمن القومي المصري مباشرة.
