تشهد الساحة السياسية استعدادات مكثفة قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، مع تداول أنباء عن الدفع بقائمتين انتخابيتين تمثلان أحزاب الموالاة وتيارات مقربة من السلطة، الخطوة التي يصفها متابعون بأنها محاولة لإضفاء مظهر تنافسي على العملية الانتخابية، ما يثير جدلًا حول مدى جدية المنافسة في ظل انتماء القائمتين فعليًا إلى نفس الاتجاه.
انتخابات البرلمان
المفكر والباحث في علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن، يصف الدفع بقائمتين من أحزاب الموالاة بأنه ليس تقليدا جديدا، بل استمرار لنهج اتبعته السلطة في الانتخابات السابقة، خشية انسحاب المعارضة كليا أو عجزها عن تشكيل قوائم انتخابية في ظل الاشتراطات المعقدة.
فإن النظام يريد أن يصدر صورة شكلية للداخل والخارج، بأن الانتخابات ذات طابع تنافسي، لذلك يعد قائمة صورية، أو يدفع بعض المرشحين من داخل الأحزاب الموالية للتنافس على المقاعد الفردية، مع علمهم المسبق بأن أدوارهم مرسومة سلفا، أقرب إلى التمثيل منه إلى الرغبة الجادة في الفوز، هكذا يصف الاسترتيجية المتبعة.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بحسب الدكتور عمار علي حسن، فإن السلطة الحالية كما يرى تحدد المقاعد مسبقا، سواء في القوائم أو المقاعد الفردية أو حتى في التعيينات بمجلسي النواب والشيوخ، ما يجعل العملية برمتها انتخابات شكلية تسوق للخارج على أنها شهدت تنافسا وتعددية، بينما هي بلا نزاهة ولا تأثير حقيقي.
حدود السقف
ومما يشير إلى ذلك أن المعارضة قد تعجز عن تكوين قوائم كاملة في كل المحافظات، كما حدث في انتخابات 2015 حين انسحبت قائمة “صحوة مصر” في اللحظة الأخيرة، وحتى لا تفوز قائمة واحدة بالتزكية كما جرى في انتخابات مجلس الشيوخ، يجري الدفع بقائمة صورية تضم أسماء متفق عليها مسبقا، ويوعد هؤلاء بأن تكون هذه تجربة لتجهيزهم أو تدريبهم لانتخابات مقبلة، يحلل “حسن” الاستراتيجية المتبعة.
إلا أن هذا المشهد في نظره، لا يخلق سوى “انتخابات بلا منافسة، بلا نزاهة، وبلا تمكين للشعب من المشاركة”، معتبرا أن الشكل الذي كان يمكن تمريره جزئيا في عهد مبارك بترك هامش محدود للمعارضة “لم يعد مقبولا الآن”، واصفاً ما يحدث بأنه “في غاية القبح والفجاجة، ويمرَّر عنوة من دون اعتبار للرأي العام أو المنافسين”.
تعدد القوائم لا يغير كثيرا في تشكيل البرلمان
في المقابل، يعتبر ياسر الهواري، الأمين العام لحزب “التقدم” (تحت التأسيس)، أن الدفع بأكثر من قائمة برلمانية يمنح العملية الانتخابية قدرا أكبر من الحيوية، ويدخلها في إطار شكلي تنافسي أفضل من الصورة النمطية المعتادة.
ويقول الهواري: حتى إذا كانت فرص القائمة الثانية أضعف من القائمة الوطنية الأولى، التي تضم عددا كبيرا من الأحزاب الكبرى وتتمتع بقدرة مالية ودعائية أكبر، فإن وجودها يظل مهما لإتاحة الفرصة للجمهور للتعبير عن رأيه إذا لم تتوافق القائمة الأولى مع رغباته، وأيضا لإثبات أن هناك تنوعاً”، على حد قوله.
وعن تأثير ذلك على البرلمان، يوضح “الهواري” أن تعدد القوائم لا يغير كثيرا في التشكيل البرلماني، لكنه يترك أثرا إيجابيا في شكل الحياة السياسية، ويمنح المرشحين فرصة لاكتساب شعبية أكبر قد تؤهلهم للفوز في انتخابات لاحقة.