تستعد الأمم المتحدة اليوم الاثنين في استقبال وفود العالم في دورتها الثمانين، وسيكون ملف القضية الفلسطينية أحد الملفات على طاولة المناقشات وأولوية أولي على جدول أعمالها. وتسعي فرنسا والسعودية مواصلة جهودهما لحث الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد أن نجحتا في كسب اعتراف 142 دولة في مؤتمر حل الدولتين، وأن الوصول الي حل عادل لتسوية القضية الفلسطينية، لن يتحقق الا بحل الدولتين.
وفي موقف فارق، ولحظة تاريخية مهمة وقبل اجتماع الجمعية العامة اجتماعاتها، اعترفت بريطانيا صاحبة وعد بلوفر بالدولة الفلسطينية، لتكفر عن خطاياها في حق الشعب الفلسطيني، وتلك خطوة جادة تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، ويعطيها الدعم السياسي الكبير، لتحذوا حذوها دول أخري الإنصاف القضية الفلسطينية.
كذلك انضمت البرتغال الي كلا من كندا وأستراليا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويعد ذلك مكسبا سياسيا عظيما اضافيا للشعب الفلسطيني
كما نتمني في اجتماع الغد ان تكون هناك خطوات جادة علي هذا الطريق، وان تنضم دول أخري لتعزيز موقف القضية الفلسطينية وانصافها بعد كل تلك العقود من المجازر المروعة التي مورست ضد صاحب الأرض.
كما علينا ان نعترف ان الأمم المتحدة عجزت عن حل كثير من القضايا الشائكة التي تضرب العالم، ومنها حرب غزة، وانها الان أمام موقف تاريخي، لاتخاذ قرارات مهمة ولتفرض سيطرتها، ولتعود لها حيويتها بعد ان فقدت هيبتها ودخلت الي غرفة الأفارقة، أمام عجزها عن وقف العبث الدائر في أنحاء الكرة الأرضية.
وأن تبدأ إصلاح مؤسساتها، لتعود لها الشرعية والاحترام، وتبدأ بإصلاح حقيقي وحتمي المجلس الامن فخمس دول فقط تمتلك حق النقض الفيتو، الذي يقف عائق أمام أي تسوية، وحل لأي نزاع طالما أحد تلك الدول يستخدم هذا الفيتو اللعين لخدمة مصالحة، دون النظر الى إقامة السلام.
فالعالم كلة شاهد حرب الإبادة التي تمارسها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني بعد أحداث السابع من أكتوبر، وعلى مدار عامين
جعلوا من غزة منطقة غير قابلة للحياة، بعد ان استشهد أكثر من ٦٥ الف ما بين أطفال وشباب وشيوخ ونساء، ومارست دولة الكيان المحتل عمليات التهجير القصري، وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة، ونسفت المنازل والمساجد والمستشفيات والكنائس، ولم يتركوا حجر علي حجر، وتحولت غزة الي انقاض، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية، وتم محاصرة الفلسطينيين ومن لم يمت بالرصاص مات قهرا وجوعا ومرضا.
أتمني ان يمنعوا النظر في حجم المأساة التي فرضتها إسرائيل علي المنطقة ككل، وواصلت انتهاكاتها علي سوريا ولبنان واليمن، واعتدائها السافر علي ايران، وانتهاكها كل القوانيين الدولية وسيادة الدول باعتدائها الأخير علي قطر.
ومازلت تمارس دولة الكيان همجيتها ببربرية غير مسبوقة وبرعاية وحماية أمريكية التي تستخدم الفيتو لحمايتها، وتمدها بالسلاحوالعتاد والأموال الإرهاب المنطقة وتوترها. واتمني ان يعلن القادة بصوت قوي أن الولايات المتحدة الامريكية شريكة في حرب الإبادة
والتطهير العرقي، والتهجير القسري، وانها تمارس الإرهاب علي دول المنطقة.
وأن السلام لن تنعم به منطقة الشرق الأوسط طالما مارسوا إرهابهم قتلا وتنكيلا وتجويعا وارهابا للمنطقة بدون رادع ولا محاسبة وان يمارسوا ضغطهم على الولايات المتحدة لتكف عن تلك الحماية للكيان الصهيوني ومحاسبته قادته تنفيذا لقرار الجنائية الدولية و أن يطالبوا بإصلاح المنظومة الدولية ومجلس الأمن، فبدون أي اصلاح واحترام للقوانين واللوائح والقرارات التي تخرج من تلك المنظمات الدولية ستفقد شرعيتها، كما يحدث الان من عدم امتثال دولة الكيان لأي قرار صدر من تلك المنظمات الأممية، و التي تمثل تحديا للشرعية الدولية، طالما ساندتها واشنطن بحق النقض اللعين والرعاية الكاملة.
ويجب ان نتذكر لماذا أقيمت تلك المنظمة الدولية وما تحت مظلتها من منظمات أممية؟ لنشر السلام والأمان بين دول العالم والشعوب ووقف الحروب وانهاء المنازعات، وحل الخلافات بشكل سلمي سياسي وقانوني. انما ان تظل إسرائيل فوق القانون الدولي، لا
تأبه ولا تلزم ولا تحترم القوانين والمواثيق والعهود والاتفاقيات، فلا سلام قادم بالمنطقة. وعلي الإدارة الفلسطينية ان تتحد مواقفها لكسب مزيد من التأييد والدعم، فالشعب الفلسطيني ليس حماس، انما فلسطين لكل الفلسطينيين.
اتمني في اجتماع الغد أن نخرج من نطاق الخطب الرنانة الي قرارات تاريخية تكتب بحروف من نور لقادة الدول التي تعترف بالحق، والإنسانية، والصدق، والشرعية للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وان يدعموا وقف فوري لإطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود ما قبل 5 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وان يعلم الجميع لا سلام في تلك المنطقة الا بالوصول الا حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
وتحية كبيرة لموقف المملكة الأسبانية في كل مواقفها العظيمة والداعمة للشعب الفلسطيني. وتحية مقدرة لموقف بريطانيا وكندا واستراليا ولكل دول العالم التي تدعم الشعب الفلسطيني
في قضيته، واعترفت بدولته وشرعيته. تحية لشعوب العالم الأحرار علي دعمهم الكبير في مسيرات ومظاهرات تندد بكل همجية الكيان المحتل وتنادي بالحرية لفلسطين.
تحية مقدمة لكل الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية في اجتماع الغد، ولكل من يساند الشرعية الدولية لقيام دولة فلسطين المستقلة. تحية للقيادة السياسية المصرية علي مساندتها الدائمة ومواقفها الراسخة رفضا لتصفية القضية الفلسطينية