تتصاعد الانتقادات الحزبية والسياسية لتقسيم الدوائر الانتخابية قبل انطلاق الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسط شكاوى من اتساع الدوائر وزيادة المقاعد الفردية بما يُصعّب تواصل المرشحين مع الناخبين ويضاعف تكاليف الحملات الدعائية.
مرشحون وأحزاب معارضة يرون أن النظام الحالي يقصي المستقلين ويعزز نفوذ المال السياسي، ويطالبون بالعودة إلى القانون القديم أو اعتماد القوائم النسبية لضمان عدالة التمثيل وتوسيع فرص المشاركة السياسية قبل بدء السباق الانتخابي.
محمد أبو الديار، عضو اللجنة التأسيسية لحزب “تيار الأمل”، يقول إن هناك أزمة حقيقية تواجه عددًا كبيرًا من مرشحي مجلس النواب، تتمثل الأزمة في اتساع الدوائر الانتخابية وما يعانيه المرشحون من صعوبات، لعدم قدرتهم على الإلمام والتواصل مع جميع أبناء الدائرة.
“أبو الديار” يوضح في تصريحاته مع “القصة”، أن لديهم اعتراضات بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية من حيث “المقاعد الفردية والقوائم”، مؤكدًا الاعتراض بشكل واضح تحديدًا على القوائم.
ويقول: “طالبنا بألّا تكون الانتخابات بنظام القوائم المطلقة، وذلك لأن مصر بالكامل مقسمة لأربع دوائر، وبالتالي القائمة تأخذ قطاعًا كبيرًا يصل إلى حوالي 9 محافظات”.
ويوضح “أبو الديار” أن هناك زيادة في عدد المقاعد لنظام الفردي وتوسعت الدائرة، مشيرًا إلى أن دائرة كفر الشيخ ودائرة “قلين” تشملان 4 مراكز وأقسام، وهي “مركز قلين، ومركز كفر الشيخ، وبندر أول وثان كفر الشيخ”، يُمثَّلون في ثلاثة مقاعد، في حين أن القانون القديم كان يمنح مركز قلين مقعدين فقط، وبالتالي أصبح الناخب لا يستطيع الوصول إلى المرشحين بشكل كامل بسبب اتساع الدائرة.
ويرى أبو الديار أن العودة إلى القانون القديم كانت ستوفر عدالة أكبر، إذ كان يمنح كل مركز أو قسم دائرة مستقلة بمقاعد محددة، الأمر الذي يسمح للمرشح بمعرفة تفاصيل دائرته بشكل كامل، ويسهل على الناخبين اختيار مرشحهم بدقة، وبالتالي يستفيدون من تنوع الأحزاب، وأيضًا إعطاء فرصة للمرشحين المستقلين الذين لا ينتمون لأي حزب.
ويؤكد أنه كلما اتسعت الدوائر زادت سطوة ونفوذ المال السياسي، وبالتالي أصبح من الممكن أن يكون هناك مرشح جيد ولكن لا يستطيع تحمّل تكاليف الدعاية اللازمة بسبب اتساع الدوائر، وبالتالي لا يتمكن من الوصول إلى الناخبين.
وعن الدوائر المرشح لها حزب “تيار الأمل”، يقول “أبو الديار”: “لا نستطيع تغطية جميع الدوائر، ولكن لدينا مرشحون في كفر الشيخ، القليوبية، البحيرة، بني سويف، وكل محافظة بها أكثر من مرشح، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن العدد النهائي ولا المقاعد النهائية المرشحين لها”.
ويتابع: “الذين تقدموا لنا للترشح من أعضاء الحزب 8 أعضاء، فضلًا عن عدد كبير قام بملء استمارة الرغبة في الترشح تحت مظلة الحزب قد يصل إلى 500 مرشح، ولكن هناك معايير محددة من قبل لجنة الانتخابات بالحزب، وطبقاً لتلك المعايير تقلّص العدد إلى 70 مرشحًا، ويتم الآن إجراء مقابلات شخصية معهم لمناقشتهم بشكل أوسع، لكي نستطيع اختيار الأفضل من بينهم ليكون مرشحاً عن حزب “تيار الأمل”.
ويضيف: “كنا نأمل أن نكون ممثلين لأكبر عدد من الدوائر، ولكن لم نرحب بذلك التوسع، لكي نستطيع تقديم مرشح يكون نموذجًا جيدًا لنائب الشعب، ويكون قادرًا على التعبير عن إرادة الناخب الحقيقية، ويصبح بديلًا لمرشحي أحزاب السلطة”.
ويؤكد أنه أصبح لديهم ما يقرب من 43 مرشحًا على عدة دوائر مختلفة، موضحًا: “اقتربنا من الانتهاء من تحالف انتخابي، ينتهي قريبًابوضع الأسماء النهائية، ليكون مظلة أكبر لضم عدد من المرشحين وعدد من الأحزاب السياسية من بينهم “تيار الأمل”.
وعن الحلول التي كان من الممكن أن تطرحها الدولة لتلك الأزمة قبل بدء العملية الانتخابية، يشير “محمد” إلى أنه كان لابد من تعديل قانون الانتخابات، وأن تقوم الحكومة بتقديم مقترح بتعديل ذلك القانون، وعلى مجلس النواب أن يصدر قانونًا بتعديل الدوائر بشكل أفضل من ذلك، وأن يُلغى بشكل تام نظام القوائم المغلقة، مع الإبقاء على وجود قوائم نسبية، بحيث تمثل كل قائمة تبعًا لعدد أصوات الناخبين، وبالتالي يسمح ذلك بتمثيل جميع الأحزاب.
من جانبه، يؤكد البرلماني السابق المهندس هيثم الحريري أن تقسيم الدوائر الحالي “غير عادل”، مشيرًا إلى أن دمج خمس دوائر مثل محرم بيه وكرموز واللباني ومينا البصل في دائرة واحدة جعل من الصعب على المرشحين الانتشار وإيصال برامجهم الانتخابية.
ويقول الحريري في حديثه مع “القصة”، إن حزب “التحالف الاشتراكي” قرر الدفع بمرشحين في 3 دوائر: الأولى بالإسكندرية، والثانية بالمنصورة، والثالثة بالبحيرة.
ويطالب الحريري بأن يكون لكل دائرة نائب واحد لتقليص المساحة وعدد الناخبين، لافتًا إلى أن بعض الدوائر التي تحتاج إلى 4 مقاعد لا يوجد بها إلا 2 فقط.
كما يعتبر “الحريري” أن الإصرار على تخصيص نصف المقاعد لنظام القوائم يضاعف الأعباء على المرشحين الأفراد ويجعل فرص وصولهم للبرلمان أضعف.
ويؤكد أن الدولة كان يجب عليها أن تقدم حلولاً قبل العملية الانتخابية، مثل أن يكون لكل دائرة نائب واحد، وبالتالي تقل مساحة الدائرة ويقل عدد الناخبين، مما يسهل عملية التواصل مع الناخبين، ويسهل أيضًا العملية الدعائية.
ويتابع الحريري: “لا بُد أيضًا من تقسيم الدوائر بشكل عادل، من حيث المساحة وعدد الناخبين وأيضًا عدد النواب، فهناك دوائر تضم عددًا كبيرًا تحتاج ما لا يقل عن 4 مقاعد ولكن خُصص لها 2 فقط، مما يصعّب عملية الوصول”.
بينما ترى رحاب عبد الرحيم الغول، عضو مجلس النواب عن دائرة قوص ونجع حمادي وفرشوط بمحافظة قنا، أن تقسيم الدوائر جاء بشكل عادل للغاية.
وأوضحت في حديثها مع “القصة”، أن أبناء الصعيد اعتادوا هذه التقسيمات التي تتأثر بالاعتبارات القبلية والاجتماعية، مشددةً على أن ما يراه البعض أزمة ليس قائمًا في واقع دوائر الجنوب.