شهدت الأسواق المصرية خلال الأيام الماضية انخفاضًا ملحوظًا في أسعار الدولار أمام الجنيه، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان هذا التراجع انعكاسًا لتحسن اقتصادي فعلي، أم مجرد نتيجة مؤقتة لصفقات بيع أراضٍ وتدفقات استثمارات الأجانب في أذون الخزانة.
ويأتي هذا الاستقرار عقب التراجع الكبير الذي سجله الدولار، أمس الأربعاء، حيث هبط الدولار إلى أدنى مستوى له منذ يوليو 2024، حيث سجل سعر الدولار 48.19 وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، ارتفع صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 49.25 مليار دولار بنهاية أغسطس 2025، بزيادة قدرها نحو 214 مليون دولار عن الشهر السابق، وهو ما يعكس تحسنًا في التدفقات المالية من مصادر مختلفة، بينها الذهب والحقوق الخاصة.
تزامن ذلك مع عودة قوية لاستثمارات الأجانب في أذون الخزانه الحكومية، ما عزز من وفرة الدولار في السوق المحلية. هذه التدفقات عززت قدرة البنك المركزي على إدارة السيولة ودعم استقرار سعر الصرف.
من جانب آخر، تراجع معدل التضخم السنوي في أغسطس إلى مستويات تتراوح بين 12.7% و13.9% مقارنة بأكثر من 38% قبل عامين، وهو ما سمح للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس أواخر أغسطس، في ثالث خفض خلال 2025. كما أظهرت البيانات الرسمية نمو الاقتصاد بمعدل 5.4% في الربع الثاني من العام، مدفوعا بقطاعي السياحة والتصنيع.
صفقات بيع الأراضي الكبرى مثل مشروع رأس الحكمة ساهمت في تدفق سيولة دولارية مهمة، إلا أن القراءة الأعمق تكشف أن التراجع في سعر الدولار يرتبط بشكل أوثق بمزيج من العوامل: ارتفاع الاحتياطي، عودة ثقة المستثمرين، وضبط السياسات النقدية، فضلا عن استمرار التراجع في التضخم، ما يعزز الاستثمارات الأجنبية واستمرار الإصلاحات الاقتصادية، ما يرسخ قوة الجنيه. في المقابل أي صدمات خارجية أو تباطؤ في الإصلاحات قد يضع ضغوطًا جديدة على الجنيه.
أمر وقتي
الدكتور ” وائل النحاس” الخبير الاقتصادي قال لـ “القصة” إن أسباب ذلك الانخفاض في أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري ما هو إلا أمر وقتي وليس تحسنا اقتصاديا ملموسا، وذلك لحالة الركود التي يشهدها الدولار في السوق المصري، مضيفاً أن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في البنك المركزي المصري ليست مصادر حقيقة للدولة ولكن هناك عوامل أخرى كالتحويلات النقدية التي يحصل عليها اللاجئون السوريون والسودانيون، في ظل عدم تلقي مساعدات من قبل الحكومة المصرية أو المفوضية الأوروبية.
وأضاف أن الاختبار الحقيقي لذلك الانخفاض في سعر الدولار مقابل الجنيه، هو ” زيادة الطلب ” على الدولار في الفترة المقبلة.