لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بترك آلاف الجثث تحت الأنقاض أو في ثلاجات ممتلئة بالموتى، بل وصل اليوم إلى ما وصفه الدفاع المدني الفلسطيني بـ”مرحلة التطهير العرقي الصريح”، بعد أن تحولت مدينة غزة إلى ساحة مفتوحة لاستهداف المدارس ومراكز الإيواء والمنازل فيقلب الأحياء المكتظة
سياسة القصف الإسرائيلي لم تعد عشوائية بل تحمل منهجية واضحة لإفراغ المدينة من سكانها
البيان الصادر عن الدفاع المدني لم يكن مجرد تحذير روتيني، بل صرخة استغاثة وضعت المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي مباشر: إما التدخل العاجل، أو تسجيل فصل جديد من الصمت الذي يشرعن ما سماه البيان “الجنون الإسرائيلي الأعمى”.
اللافت أن سياسة القصف الإسرائيلي لم تعد عشوائية كما تحاول بعض الروايات تبريرها؛ بل تحمل منهجية واضحة لإفراغ المدينة من سكانها، عبر إجبار عشرات الآلاف على النزوح القسري نحو ما يسمى “المنطقة الإنسانية الضيقة” جنوب القطاع، هذا المصطلح الذي تروج له إسرائيل لم يعد يعني سوى تحويل غزة إلى مقبرة جماعية صغيرة المساحة.
المستشفيات عاجزة، المساعدات شبه معدومة، وأصوات الأطفال تحت الركام باتت المشهد اليومي الأكثر حضورًا، ومع ذلك، يصر الاحتلال على أن ما يجري “ضرورات عسكرية”، بينما يقرأه الفلسطينيون كـ”نكبة ثانية” يجري هندستها على مرأى العالم.
ويرى خبراء في القانون الدولي أن توصيف “التطهير العرقي” الذي استخدمه الدفاع المدني الفلسطيني لا يحمل شحنة عاطفية فقط، بل ينسجم مع تعريفات الجرائم ضد الإنسانية وفق اتفاقيات جنيف، ما يعني أن الصمت الدولي قد يُترجم يومًا ما إلى شراكة في الجريمة.