كان يومًا عاديًا حتى خرج الخبر إلى النور: عفو رئاسي عن علاء عبد الفتاح.
خبر واحد فقط كان كفيلًا بحراك مجتمعي واسع، وبانتشار حالة من البهجة يمكن اختصارها في كلمة واحدة: الأمل.
بدا قرار العفو عن علاء عبد الفتاح وكأنه مصالحة ليس مع مناضل سياسي شاب فقط، ولا مع عائلته ونضالها فقط، بل مع جيل كامل فرد شراعًا للحلم منذ عام 2011 قبل أن تصدمه وقائع وهزائم لا آخر لها.
في قرار العفو ما يفتح الأبواب لما هو أعمق، وينشط الأمنيات لما هو أبعد.
الابتسامة التي طغت على ملامح السياسيين والمهتمين بالشأن العام، بات من الضروري أن تتواصل وتستمر.
والسؤال المهم الآن: لماذا لا يصبح خروج علاء عبد الفتاح من محبسه بداية لانفراجة أوسع تعيد طرح الملفات الصعبة والشائكة.
بوضوح أكبر: مصر الآن في انتظار قانون بالعفو العام عن كل سجناء الرأي.
والمعايير واضحة: كل من لم تتلوث يده بالدماء أو يمارس العنف يستحق الحرية.
مصر أكبر من أن تظل مقيدة نحت عبء هذا الملف المزعج.
تصفية ملف سجناء الرأي الآن بات ضرورة ملحة وبدون تأخير.
والبداية من إصدار قانون بالإفراج العام عن كل السجناء السياسيين وفق المعايير السابقة التي ارتضاها المجتمع.
في نصوص الدستور ما يفتح الباب لإصدار مثل هذا التشريع.
وفي احتياج المجتمع له ما يطمئن لكونه بداية صحيحة لمناخ سياسي صحي وأفضل كثيرًا من كل ما سبق.
هذا قانون بات واجبًا، يقطع الطريق على الانتقائية، ويعيد للمجال العام حيويته، ويحرر مصير الصحفيين والكتاب والنشطاء من واقع مظلم عاشوه طوال السنوات التي مضت.
في المشهد العام ما يؤكد أن خطوة الإفراج عن علاء عبد الفتاح -على أهميتها- يجب أن تظل البداية.
فالانفتاح الجاد والحقيقي يستلزم الكثير.
والبداية من رفع القيود عن المجال العام، وإصدار قانون بالعفو الشامل، وهو شرط حياة، شرط دولة تريد أن تتنفس بحرية وتنافس وتبدع.
كل ما سبق من سنوات كاشف لأنه لا مجال لاقتصاد قوي من دون رأي عام حر ومتابع، ولا لمجتمع حي من دون إعلام ناقد، يطرح الأسئلة ويكشف الحقائق، ويعبر عن الناس وقضاياها الحقيقية.
الحرية والخلاص من عبء ملف السجناء هو تحصين للمجتمع ووحدته، وحماية للنظام نفسه من الجمود.
مصر في حاجة إلى تعدد الأصوات والرؤى والأفكار، جميعها تتكامل في خدمة تقدم البلد ومستقبله.
مصر في انتظار المستقبل الذي يجب أن يبني وطنًا أكثر انفتاحًا، وأكثر ثقة بالنفس، وأكثر قدرة على أن يعيد أبناءه إلى ساحته، بلا خوف ولا قيود.