كان صديق مشترك يتولى تقديم البيه، اسمه ومهنته، فُوجئتُ به يقول لي: فلان بيه بيشتغل في بزنيس العقارات.
علق البيه بتواضع: بزنيس العقارات إيه؟ أنا باشتغل في حجز العقارات.
أصابني غباء مفاجئ، فسألت صديقي: يعني البيه بيشتغل حاجز؟
غرقا الاثنان في الضحك على سؤالي.
شرح لي صديقي بعد رحيل البيه أن هناك مهنة جديدة ليست منتشرةً قويًّا، وهي مهنة التجارة في حجز الفيلات في أول طرح للمشروعات العقارية الكبيرة.
أدهشني أن هذا العمل يحتاج إلى رأس مالٍ بالملايين من الجنيهات
الحاجز ليس سمسارًا، لأن السمسار هو وسيط بين البائع والمشتري، والسمسار قد يكون رجلًا بجلبابٍ ويعمل من خلال القهوة، أو شركة تسويق عقاري تجيد اللغة الإنجليزية والتواصل والسفر، كما تقول إعلانات وظائف هذه الشركات.
أما الحاجز، فهو شخص له دائرة علاقات متسعة، ولديه ثروة صغيرة — كام مليون — عندما يعرف أن شركات العقارات الكبرى تطرح فيلات جديدة بمقدم، يسارع بحجز فيلا أو اثنتين، ويدفع المبالغ المطلوبة، ثم ينتظر حتى يبدأ المشروع في الانتهاء من بناء الأساسات، وتنطلق حملات الإعلانات وترتفع الأسعار.
هنا يقوم البيه الحاجز ببيع الفيلا أو الحجز بأسعار أعلى مما دفعها، والفارق هو ربحه الذي لا يقل أيضًا عن ستة أصفار.
ربما يفسر ذلك الزحام الشديد في أول يومٍ لطرح الشركات الكبرى للمشروع، والصور التي تتداولها منصات التواصل الاجتماعي للتكالب على حجز الوحدات في أول كام يوم.
مهنة الحاجز قانونية، ولكنها في النهاية أحد أشكال “الهَدرَجة” التي تحدثنا عنها من قبل — مال لا ينتِج أثرًا إيجابيًا في الاقتصاد الحقيقي، أحد أشكال الاقتصاد الطفيلي إذا جاز التعبير.
منذ بدأت كارثة الانفتاح السداح المداح، ظهر تعبير شعبي عن مثل هذه المهن: (بيجيبوا الفلوس من الهوا).
نص القصة الآخر هو سؤال يفرض نفسه: لماذا لا يستطيع شخص متعلم ويملك رأس مالٍ وعلاقاتٍ أن يقيم مشروعًا حقيقيًا؟ أن يصبح رجل أعمال صاحب مشروع صغير جدًا، ولكنه حلم قابل للنمو؟ مشروع يملأ وقته وحياته؟
في كافيهات الأثرياء، أو الكافيهات الشريرة على غرار الساحل الشرير، سوف تجد عشرات الشباب من هذا النوع، لديه دخل وليس لديه عمل حقيقي.
يقضي وقته في الكافيه مع الأصدقاء، وبعضهم يتعامل مع الكافيه باعتباره مكتبه.
أنظر إليهم خلسة وأتساءل: هل يرفضون العمل ولا يملكون أحلامًا سوى العيش الرغيد؟ أم أنهم لا يجدون الطريق آمنًا ومفتوحًا للبدء في الأعمال؟
تجرأت مرةً وسألت، وكانت الإجابة موجعة:
الأسبوع القادم… البحث عن كفيلٍ في البزنيس.