مع الاستعداد لاستقبال انتخابات مجلس النواب، يبقى السؤال المطروح منذ الآن: هل سنشهد تكرارا لما حدث في انتخابات مجلس الشيوخ؟ حضور ضعيف، رقص أمام لجان شبه خاوية، ومقاعد محسومة سلفا؟.
هل يتكرر الاستعراض السياسي بانتخابات مجلس النواب كما حدث في الشيوخ؟
هل سنعيد عرض الفيلم ذاته بنفس الإخراج الرديء؟ ما جرى في انتخابات الشيوخ لم يكن مشهدا ديمقراطيا حقيقيا، بل كان استعراضا سياسيا يحمل عنوان انتخابات دون أي مضمون فعلي.
الناس لم تقاطع المشاركة كسلا أو لا مبالاة، بل كانت مقاطعتهم صرخة صامتة تقول: لن نكون جزءا من هذه اللعبة لأننا لا نثق بها، وإذا تكرر الأسلوب ذاته في انتخابات النواب فلن يكون ذلك مجرد تجاهل بل إصرار على إنكار كل مؤشرات الغضب الشعبي.
ما يحدث ليس طبيعيا ولا ينبغي أن نتعامل معه كأنه أمر عابر، البرلمان الذي يأتي دون إرادة شعبية حقيقية لن يمثل الشعب أبدا حتى لو تزين بأكبر الكراسي.
إن كنا نطمح إلى استقرار سياسي حقيقي، فيجب أن تكون الرهانات على وعي الناس وعلى المشاركة والثقة، لا على الحشد القسري أو المقاعد التي توزع بالتراضي بين أحزاب لا طعم لها ولا صوت، وقبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة لا بد أن نسأل: هل لا زالت لدينا حياة سياسية أم لم يتبق سوى شكل بلا مضمون؟
الناخب المصري لا يريد الكثير من عضو مجلس النواب، كل ما يتمناه أن يكون صوته الحقيقي تحت قبة البرلمان، أن يجد من يعبر عن مشاكله اليومية وهمومه المعيشية، لا من يتحدث من أبراج عالية، يريد أن يرى نوابه بين الناس، في الشوارع والقرى والمناطق الشعبية، لا في القصور والفنادق المكيفة.
الناس تريد نائبًا يعرف قيمة الجلوس معهم على “دكة” أمام بيت في الريف أكثر من الوقوف على منصة في قاعة فخمة، يريدون من يسمع لهم لا من يتحدث عنهم بلسان لا يشبههم.
فإذا لم يفهم أعضاء المجلس أن قوتهم الحقيقية تأتي من الشارع، من زيارة الأسواق والمناطق العشوائية والنجوع والحواري، فلن يكتسبوا ثقة الناس أبدا، وسيظل البرلمان مجرد قاعة مكررة لا روح فيها ولا مضمون.