يعتزم تحالف استثماري برئاسة مؤسسة بروباركو الفرنسية، إلى جانب شركتي إس بي إي وأميثيس للاستثمار المباشر، الاستحواذ على أكثر من 80% من أسهم دلتا للكيماويات المصرية.
قيمة الصفقة تُقدَّر بنحو 50 مليون دولار، ونال التحالف موافقة جهاز حماية المنافسة، إلا أن التنفيذ مازال في مرحلة استكمال الموافقات والإجراءات التنظيمية.
موقع “القصة” ناقش خبراء الاقتصاد الذين رحبوا بالاستثمار الأجنبي شريطة توفير فرص عمل وزيادة الإنتاجية التي تنعش السوق المحلي والباقي للتصدير، وأشاروا إلى أن صندوق النقد الدولي نصح الحكومة المصرية بزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية، من خلال بيع الأصول تحت بند “التخارج”.
من هي دلتا للكيماويات؟
تأسّست دلتا عام 2003 وهي متخصصة في إنتاج كيماويات البناء بالإضافة إلى منتجات تُستخدم في صناعات الدهانات والبلاستيك، كما تصدر منتجاتها لأكثر من 30 دولة. رغم أن نشاط الشركة لا يُركز حصريًا على الأسمدة، إلا أن مشروعات الأسمدة في مصر تُعد من الركائز الأساسية في القطاعات الصناعية والزراعية للدولة.
صناعة الأسمدة في مصر
تُعتبر الأسمدة من أهم صادرات مصر من الصناعات الكيماوية، فبحسب بيانات المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، بلغت قيمة الصادرات نحو 4.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 13% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما ارتفعت إلى نحو 5.3 مليار دولار بنهاية يوليو 2025، لتواصل بذلك مسارها التصاعدي رغم التحديات العالمية.
كما تمتلك مصر طاقات إنتاجية كبيرة تسمح بتلبية الطلب المحلي وتوليد فائض للتصدير، رغم الضغوط بسبب نقص الغاز الطبيعي وارتفاع تكلفة الطاقة.
إلى جانب تَبني الحكومة استراتيجيات لتطوير مصانع الأسمدة، تحسين كفاءة التشغيل، واستعادة وحدات متوقفة أو غير مُستخدمة مثل بعض وحدات الأمونيا واليوريا.
تأثيرات الصفقة المتوقعة
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد النبي عبد المطلب: إن صناعة الأسمدة في مصر من الصناعات الحيوية، التي تضاهي الصناعات العالمية، وما يميزها إنها تُلبي احتياجات السوق المحلي، وجزء منها يذهب للتصدير.
وأشار عبد المطلب إلى أن تلك الخطوة بمثابة مرحلة جديدة في طريق جذب مزيد من الاستثمارات سواء العربية أو الأجنبية، وهو ما ينعش الاقتصاد المحلي بشكل ملحوظ
وبالتالي تصدير منتجات ذات قيمة مضافة من كيماويات البناء، البلاستيك، أو الأسمدة المركّبة يمكن أن يعزز من إيرادات العملة الأجنبية. ومع قدرة دلتا على الوصول إلى الأسواق الدولية، فإن الصفقة قد تنعكس إيجابياً على ميزان المدفوعات.
التحديات والمخاطر
تواجه صناعة الأسمدة عددًا من التحديات والمخاطر، فهي تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي والمصادر الطاقية؛ أي اضطراب فيهما قد يُعيق الإنتاج أو يُكلف كثيرًا، بالإضافة إلى مواجهة المنافسة من شركات ذات إنتاج أكثر كفاءة أو تكاليف نقل أقل، سواء محلياً أو في الأسواق التصديرية.
كما تعتبر تقلبات السوق العالمي من أهم التحديات المواجهة لصناعة الأسمدة، فأسعارها وموادها الخام تتأثر بأسعار الغاز، الطاقة، النقل، والسياسات العالمية، مما يعني أن العوائد قد تكون متذبذبة.
توصيات صندوق النقد الدولي
قالت خبيرة الاقتصاد، الدكتورة حنان رمسيس، إن صندوق النقد الدولي نصح الحكومة المصرية بزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية، من خلال بيع أصول شركة “دلتا للكيماويات”.
وأكدت، أن صندوق النقد الدولي يُقدم للحكومة العديد من العروض الاستثمارية وعلى الحكومة اختيار البدائل الأنسب طبقًا لاحتياجات السوق.
وأشارت إلى الديون في الفترة الأخيرة كانت تمثل عبئًا ثقيلًا على كاهل الحكومة، وشكلت 68 % من الموازنة العامة للدولة.
العلاقة ما بين كميات التصدير وأسعار الأسمدة
وأوضحت، أن مصر تتميز بكفاءة عالية في إنتاج الأسمدة وأنها من أكثر الدول تصديرا للأسمدة، كما أن إنتاجها يتأثر بقطاع الغاز، والدليل على ذلك هو حينما تأثرت الدولة بصفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تأثرت الكثير من مصانع الأسمدة مما أثر على حجم التصدير.
كما يشير المراقبون إلى أن صفقة استحواذ التحالف الاستثماري على دلتا للكيماويات توفر فرصة استراتيجية لتحسين وضع الصناعة الكيماوية الزراعية في مصر، وتعزيز قدرات الإنتاج والتصدير، إلى جانب المساهمة في استقرار الأسواق الزراعية والأسمدة محليًا.
لكن مسار التنفيذ لا يزال يواجه تحديات عديدة من حيث الطاقة، التكلفة، والتشريعات. نجاح الصفقة يتطلّب مؤشرات واضحة للإدارة، تكامل بين الأطراف، وضمان تحقيق التوازن بين التصدير وتلبية احتياجات السوق المحلي.
