“معرفش الإسورة خرجت إزاي من المتحف”.. بهذه التصريحات خرج شريف فتحي وزير السياحة على المواطنين، في تعليقه على سرقة سوار ذهبي من داخل المتحف المصري، ما أثار عاصفة من الجدل والانتقادات.
قبل نحو أسبوع استيقظ المصريون على خبر سرقة أسورة ذهبية ذات خرز كروية من اللازورد تعود إلى مقتنيات الملك أمنموبي من عصر الانتقال الثالث.
الواقعة تم اكتشتفها خلال جرد مقتنيات أثرية مخصصة للعرض في معرض “كنوز الفراعنة” المقرر إقامته في قصر العاصمة الإيطالية روما خلال الفترة من 24 أكتوبر حتى 3 مايو 2026.
“الله يسامح اللي سرب الخبر”
ورغم عودة الوزير وتأكيده على أنّ الدولة المصرية تضع ملف حماية الآثار على رأس أولوياتها، وأنّ ما حدث من واقعة سرقة لن يمر مرور الكرام، فإن هذا الأمر لم يشفع له.
خطأ آخر وقع فيه الوزير، رآه كثيرون أشد فداحة من تصريحه الأول، وهو عندما لام على نشر الخبر، “الله يسامح اللي سرب الخبر”، وكأنه يريد من الصحافة غض الطرف عن مثل هذه الوقائع، أو ربما التستر عليها.
تصريحات الوزير التي لم تكن على قدر الواقعة، والتي تنطوي على رعونة في التعامل مع ملف حساس ومهم مثل ملف الآثار، حدا بكثيرين للمطالبة بإقالته.
نقص كبير في وسائل المراقبة
الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات، أكد أن بعض معامل الترميم تُعاني من نقص كبير في وسائل المراقبة، وهو ما تسبب بشكل مباشر في هذه المشكلة، وقد أثار موضوع تركيب الكاميرات خلافات بين العاملين بالمجال، مما ساهم في تفاقم الأزمات الأمنية لاحقا.
وفي تصريحاته لـ “القصة” نبه إلى خطورة استغلال الوظائف لتحقيق مكاسب شخصية والإتجار غير المشروع بالآثار، مؤكداً أن هذا النوع من الجرائم يؤدي إلى فقدان قطع أثرية لا تُقدر بثمن ويُعاقب عليه بالسجن والغرامات الضخمة، كما شدد على ضرورة فرض رقابة صارمة على معامل الترميم والمخازن لضمان حماية التراث الوطني، مع دعوته لتوحيد الإجراءات في المتاحف الكبرى مثل المتحف المصري لتعزيز صيانة العناصر المتضررة وحمايتها من السرقة أو الإتلاف.
اختيار الكفاءات المؤهلة لتناول الموضوعات المتعلقة بالحضارة المصرية في وسائل الإعلام
الدكتور أيمن الوزيري، الخبير في علم الآثار، قدم لـ “القصة” مجموعة من الأفكار المتغلقة بالقضية لحماية الآثار وعدم تكرار الواقعة.
وتلخصت مقترحاته فيما يلي:
اختيار الكفاءات المؤهلة لتناول الموضوعات المتعلقة بالحضارة المصرية في وسائل الإعلام، لضمان دقة الطرح وعمقه العلمي.
تعزيز الثقة بين أفراد المجتمع المصري وبين الجهات المسؤولة عن تقديم المعلومات حول الحضارة المصرية.
ضرورة الالتزام بالمصداقية والخبرة عند الرد لتقوية الثقة بين المجتمع والمؤسسات الرسمية وتعزيز الوعي الثقافي..
الحد من الغموض والتعتيم في تداول المعلومات، وضمان إتاحتها بوضوح من مصادر موثوقة ومعلنة للجميع.
إنشاء خط ساخن يقدم معلومات موثقة للرد على الشائعات، مما يسهل التعامل معها على الفور ويحمي الحقائق التاريخية.
تحقيق الشفافية والدقة في نقل المعلومات عبر الوسائل الإعلامية، وتقليل الالتباسات التي تعيق فهم الحقيقة.
الرد السريع والواضح على الأكاذيب والأقاويل المشبوهة، إذ أن وضوح الردود يزيد من ثقة المجتمع ويعزز وعيه الثقافي والأثري.
تعيين متحدثين رسميين متمرسين للوزارات بشكل عام، ولوزارة الآثار بشكل خاص، لتقديم الردود المهنية على الاستفسارات والتصدي للشائعات بطريقة فعالة.
الاعتماد على مصادر معلومات رسمية وغير غامضة في الوزارات المختلفة، خاصة وزارة الآثار، مع تجنب استخدام عبارة “مصادر خاصة” في الإعلام إلا عند الضرورة القصوى، لضمان وضوح المعلومات ودقتها.
المبادرة بتصدير المعلومات الصحيحة بدلًا من الاكتفاء بدور رد الفعل، حيث أن تأخر المؤسسات في الرد يتيح الفرصة لانتشار الشائعات.
وفي الختام، دعا الدكتور الوزيري إلى ضرورة حماية التراث المصري الفريد الذي ألهم العالم وشكّل هوسًا في مجال علم المصريات، الحفاظ على هذا الإرث هو مسؤولية مشتركة بين الدولة والشعب، للتصدي للشائعات والافتراءات التي تهدد الهوية الحضارية للبلاد.