بليغ حمدي لا شيء سوى أنه سيمفونية.
هو أحد أساطير الموسيقى العربية في مصر والوطن العربي،
اليوم تحل الذكرى 32 لموسيقار أعتبره النقاد قيمة فنية استطاعت أن تمزج بين الأصالة والتجديد في عالم الموسيقى العربية.
ولد بليغ عبد الحميد حمدي مرسي في حي شبرا العريق بالقاهرة، في 7 أكتوبر عام 1931، وسط أسرة مثقفة كان والده أستاذًا للفيزياء بجامعة فؤاد الأول.
منذ نعومة أظافره أمتلك علاقة خاصة بالموسيقى؛ ففي عمر تسع سنوات أتقن العزف على العود، قبل أن يلتحق بمدرسة الموسيقى الشرقية ليتعلم الموشحات على يد الشيخ درويش الحريري.
ورغم أن طريقه الأكاديمي قاده إلى كلية الحقوق، فإن قلبه كان يصر على أن الفن هو المصير.
بدأ بليغ مغنيًا عبر الإذاعة، لكن سرعان ما اكتشف أن مجاله الحقيقي هو التلحين. وكان اللقاء الفارق في مسيرته الفنية عام 1957 حين قدم أول ألحانه لعبد الحليم حافظ في أغنية “تخونوه” ضمن فيلم “الوسادة الخالية”، ليبدأ مشوارًا لن ينتهي إلا برسم ملامح جديدة للموسيقى العربية بأكملها.
تعاون بليغ مع عمالقة الغناء: عبد الحليم، أم كلثوم، وردة، فايزة أحمد، شادية، نجاة، وصباح.
محطة فارقة
يعتبر أغلب النقاد أغنية “حب إيه” التي غنتها أم كلثوم كانت بمثابة شهادة ميلاد ثانية له، حيث انتزع بها مكانه بين كبار الملحنين.
صفعة على وجهه
في مطلع الستينيات نشأت قصة حب استثنائية بين الملحن الكبير والمطربة الصاعدة بقوة “وردة الجزائرية” تلك العلاقة نشأت بمحض الصدفة حين اعجب بليغ بذلك الصوت العذب وتنبأ بأن ذلك الصوت الفريد مشروع موهبة فذة يجب أن ترى النور، وأدرك في قرارة نفسه أن لاسبيل لذلك إلا من خلال الزواج، ولكن الظروف العائلية للفنانة الصاعدة كانت عائقًا أمام ذلك الزواج، ولكن بعد فترة من التوتر والشد والجذب تم الزواج في سنة 1972
أثمرت تلك الزيجة عن مشوار فني ملهم، أثرى الوسط الفني بجواهر مازالت تتلألأ حتى وقتنا هذا فمن منا لا يتذكر أغنية ( حكايتي مع الزمان، العيون السود، لو سألوك)
في عام 1978 بلغت المشاحنات والخلافات ذروتها، فكانت تلك العوامل بمثابة نهاية علاقة حب لم يقدر لها أن تكتمل.
الموهبه لا تموت
ألحان بليغ لم تكن مجرد أنغام؛ بل كانت حكايات مشبعة بالعاطفة. مرة نسمعها رقيقة حالمة، ومرة أخرى تلمس في نبراتها الشجن والوجع، وفي كثير منها تجد الإيقاعات الشعبية والروح المصرية الأصيلة.
لم يتردد بليغ في التجديد وإدخال آلات غير مألوفة، ومع ذلك ظل وفيًا لهويته الشرقية.
امتد أثر الفنان الملهم إلى السينما والمسرح والتلفزيون، فكانت موسيقاه التصويرية لأفلام مثل “شيء من الخوف” و”أبناء الصمت” شاهدة على عبقريته.
أما “بوابة الحلواني” فكانت توقيعه الأخير الذي يؤكد أن موسيقاه لم تكن مجرد خلفية، بل بطلًا أصيلًا في العمل.
ومثل كثير من العظماء،طاردته الشائعات والقضايا، أشهرها ما ارتبط بحادث الفنانة سميرة مليان.
فقضى سنوات من الغربة بين العواصم، قبل أن يستسلم للمرض ويرحل في 12 سبتمبر 1993 بباريس.