من مدرجات تصدح بالهتافات والأغاني الحماسية لتشجيع الأندية التي ينتمون اليها، إلى قاعات محاكم مزدحمة بالاتهامات، تحول مسار بعض مشجعي كرة القدم في مصر، حيث بات التشجيع الحماسي سببًا في استدراجهم إلى قضايا أمنية، وسط اتهامات ينفونها ودفاع يؤكد أن “المدرج ليس جريمة”.
بسبب الهتاف
المحامي الحقوقي يوسف منصور يوضح لـ”القصة” أن المدرجات المصرية افتقدت حضور الجماهير منذ أحداث بورسعيد عام 2012، قبل أن تعود تدريجياً منذ عام 2018، إلا أن تلك العودة تزامنت مع القبض على عدد من المشجعين، وتوجيه اتهامات إليهم من قبيل الانضمام لجماعات إرهابية أو التحريض على العنف ضد المسؤولين.
وشدد “منصور” على أن هؤلاء المشجعين لم يرتكبوا أي جرائم من هذا النوع، موضحاً أن ما يُنسب إليهم لا يعدو كونه تشجيعاً حماسياً أو انضماماً إلى مجموعات على مواقع التواصل حدثت بها مشادات بين مشجعي الفرق المختلفة.
وأضاف المحامي في تصريحات خاصة لموقع “القصة”، أن عدد هؤلاء المشجعين غير محصور بشكل دقيق، لكن جرت بالفعل إفراجات عن عدد من شباب “ألتراس أهلاوي”، فيما يجري الدفاع عن بقية المحتجزين عبر الإجراءات القانونية.
وأوضح أن المتهمين لا يحظون بمحاكمات عادلة، إذ تجاوزت فترات حبسهم الحد الأقصى المقرر قانوناً بعامين للحبس الاحتياطي.
وأشار “منصور” إلى أن استمرار حبس بعض المشجعين يثير مخاوف بين الجماهير ويمنعهم من المشاركة في المدرجات خشية مواجهة المصير ذاته، مؤكداً أن هذا الأمر يفرض ضرورة تحرك تشريعي وسياسي لتقليص حالات الحبس المرتبطة بالتشجيع الرياضي، وتحقيق التوازن بين ضبط الأمن وضمان حرية المشجعين. وانتقد في السياق نفسه دور اتحاد الكرة والأندية، واصفاً إياه بـ”السلبي”، لعدم تدخلهم للدفاع عن جمهورهم أو المطالبة بالإفراج عنهم.
وعن احتمالات الإفراج عن مزيد من المشجعين، كشف “منصور” أن الفترة الماضية شهدت بالفعل إطلاق سراح بعض أعضاء “ألتراس أهلاوي”، وكذلك مشجع الزمالك أحمد هشام الذي ترافع عنه، معرباً عن أمله في مساواة بقية المتهمين بهم استجابة لمطالب أسرهم وحرصاً على مستقبل الشباب، ومعظمهم من طلاب الجامعات، لم تثبت إدانتهم بأي جرائم.
واختتم مؤكداً أن الإفراج عنهم من شأنه أن يعيد الثقة والروح للجماهير في العودة إلى المدرجات، ويعيد أجواء التشجيع التي افتقدتها الكرة المصرية لسنوات.
وليست قضية الشاب أحمد مأمون شاكر وعدد من الشباب المشجعين، إلا واحدة من القضايا، ففي أبريل الماضي، قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في مجمع محاكم بدر، تجديد حبس كل من أحمد مأمون شاكر وعلي عثمان علي لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 508 لسنة 2023 حصر أمن دولة.
وبذلك يكون قد اكتمل عامان من الحبس الاحتياطي لهما على خلفية تشجيع مباريات كرة القدم، وذلك رغم إخلاء سبيل عدد من المتهمين الآخرين في القضية نفسها.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مأمون للاحتجاز، إذ سبق أن أخلت نيابة مدينة نصر سبيله، قبل أن يُعاد القبض عليه بعد يومين فقط، خلال توجهه لحضور إحدى المباريات في الاستاد، ليُعرض مجددًا على نيابة أمن الدولة التي تواصل منذ ذلك الحين تجديد حبسه دوريًا لمدة 45 يومًا.
ومن أبرز الوقائع القضائية التي واجه فيها جمهور الكرة أحكاما مختلفة:
2012 مجزرة بورسعيد، تُعد القضية الأبرز، حيث لقي 72 مشجعًا من جماهير الأهلي مصرعهم عقب مباراة أمام المصري في استاد بورسعيد، وحُكم بالإعدام والسجن على عدد من المتهمين، واعتبر كثيرون أن ما حدث كان “مدبراً” في ظل غياب أمني مريب.
2015 أحداث ستاد الدفاع الجوي، شهدت مباراة الزمالك وإنبي وفاة 20 مشجعًا من جماهير “وايت نايتس”، بعد تدافع وقع بسبب فتح بوابة واحدة فقط لدخول الآلاف، وسط اتهامات مباشرة لقوات الأمن بسوء التنظيم، لم تُحاسب أي جهة أمنية بشكل فعلي.
2017 محاكمات جماعية، أُدين 98 مشجعًا من روابط “ألتراس أهلاوي” بالسجن 3 سنوات في قضايا تتعلق بـ”أعمال شغب وعنف”، بعد مباريات أقيمت في الدوري المحلي.
2018 جماهير الزمالك أمام القضاء، حبس 13 مشجعًا من جماهير الزمالك 15 يوماً بتهم “الانضمام لجماعة إرهابية” -في إشارة لرابطة وايت نايتس- وحيازة مفرقعات وسلاح أبيض. تم النظر في القضية أمام محكمة أمن الدولة.
2019–2022، تكررت حالات القبض على لمشجعين عقب مباريات قارية للنادي الأهلي أو الزمالك، وتضمنت اتهامات بـ”إحياء تنظيم الألتراس”، وهي رابطة أُعلن أنها محظورة.
