منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية على المدنيين في غزة، بعد أحداث السابع من أكتوبر، تصدرت الولايات المتحدة المشهد السياسي في غزة من خلال دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا وإعلاميًا، في مشهد يكشف تحالفًا عسكرياً وسياسياً بين واشنطن وتل أبيب، حيث ترى في إسرائيل امتدادًا لمشروعها في الشرق الأوسط.
لكن في الكتلة الشرقية من العالم ، تقف روسيا والصين في موقع المُشاهد، صمت متوازن، وتصريحات غامضة، ومواقف تبدو أقرب إلى الصمت المدروس، لا الانحياز الصريح.
السؤال الذي يشغل الشارع السياسي العربي، لماذا هذا الفارق المتناقض في المواقف؟ ولماذا تحولت واشنطن إلى درع يحمي آلة الحرب الإسرائيلية، بينما اكتفى “المحور الشرقي” بالمشاهدة أو التعليق البارد على مجازر غزة؟
المصلحة أولاً وأخيراً
قال الدكتور عبد الحميد زيد الخبير بالشؤون السياسية في تصريحات خاصة لموقع “القصة”، هناك العديد من الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة الامريكية لتقديم كل هذا الدعم القوي لإسرائيل، وذلك يرجع إلى ارتباط إسرائيل بالولايات المتحدة الامريكية في مصالح عامة ووجود مستشارين في الحكومة الأمريكية، حيث أغلب المستشارين للرئيس الأمريكي ترامب من اليمين المتشدد والمتعصب فهم إسرائيليون أكثر من الإسرائيليين أنفسهم، وبالتالي هم ينفذون وجهة نظر اسرائيل بغض النظر عن الفائدة أو المبرر من ذلك.
الموقف العربي
كما أكد أن المسألة مصلحة واحدة ومخطط واحد وهذا الموضوع أو هذا النهج ليس جديداً ولكنهم ينفذون فقط ما يستطيعون تنفيذه أو الممكن تنفيذه.
وموقف العرب بصفة عامة هو الذي يسمح في تمدد الدور أو القدرة على تنفيذ هذه المخططات، حينما يتكاتف العرب ويكون الرد حاسم يُنفذ الحد الأدنى من مخططاتهم، ولكن حينما يتخاذل العرب كما رأينا على أرض الواقع، فبطبيعة الحال سيتم تنفيذ المخططات ودعم إسرائيل بالدرجة الكبرى
عصابة دولية صهيونية
أشار زيد إلى أن مبدأ “إسرائيل هي أداة للولايات المتحدة” لتنفيذ مخططاتها في الشرق الأوسط، لم يَعُد موجودا، فمن المحتمل أن تكون الولايات المتحدة هي أداة لإسرائيل، في هذه الأيام لم يعد معلوماً عما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي ولاية من ولايات إسرائيل أم أن إسرائيل هي ولاية أخرى من الولايات المتحدة الأمريكية، القضية أصبحت أن هناك عصابة دولية صهيونية هي التي تدير وهي التي تحقق مصالحها بغض النظر عما من الذي يتبع الآخر
استراتيجيات الكتلة الشرقية
في هذا السياق نوه زيد إلى دور المحور الشرقي في غزة حيث اتسم «بالصمت» من جهة روسيا والصين، هذا يعني أن المصالح الخاصة لهذه البلاد هي التي تحكم ردود الأفعال تجاه المجازر المُرتكبة في حق غزة، فـ روسيا لديها معركة كبرى مع أوكرانيا، وقد أعطت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بعض التسهيلات التي مكنت لروسيا من وجودها وأعطت قليلا من المبررات التي تجعل روسيا على الأقل ستستفيد بشريط حدودي، أو بعض المواقع وبالتالي تغيرت المواقف في أوكرانيا، ولذلك أعطت روسيا موافقة على مبادرة ترامب وحتى إن كانت موافقة فاترة، إلا إنها موافقة على القدر الذي أعطاه ترامب من مكاسب لروسيا في أوكرانيا.
أما على الجانب الآخر فالمعركة بالنسبة للصين معركة اقتصادية بحتة، فهي تمتلك استثمارات ضخمة في الشرق الأوسط، ومصالح طاقة وتجارية مع العرب وإسرائيل، وتخشى أن يؤدي أي انحياز واضح إلى خسائر في سوقها الاستراتيجي، وبالتالي لن يدير أحداً حربا بالنيابة عن آخر بدون مكاسب سياسية أو اقتصادية.