لم تكن وقفة الباحث الجاد المرموق عبد الخالق فاروق في قفص محكمة جنح مستأنف الشروق في التجمع الخامس وقفة هينة على النفس، ففي حضور عدد معتبر من أعضاء هيئة الدفاع عن عبد الخالق فاروق، وحضور شخصيات ورموز سياسية وبعض المتعاطفين مع سجين مصر السياسي الذي لا تهمة له إلا أنه يقرأ ويفكر فيما قرأ ويكتب بحثًا عن الحقيقة، ومن أجل دوره ورسالته في توعية الناس إلى أن يتحول هذا الوعي إلى عمل وإمكانية تغيير واعتدال موازين الحياة.
وقف عبد الخالق داخل القفص لساعات طويلة وسط محبوسين في جنح واتهامات، كان يمكنهم ألّا يكونوا مثله داخل قفص الاتهام لو كان لدينا من يقرأ ويدير شؤون البلد. كان عبد الخالق ومجاوروه في القفص وجهين لعملة واحدة، عملة مهانة مصر وتقزيم دورها. وقف حزينًا متعبًا لكنه قويًا واعيًا، لا يفوته أن يسألنا نحن عن أولادنا وأحوالنا، ونحن مثله سجناء في قفص كبير، ربما نتحرك داخله فقط بفعل القصور الذاتي.
اصطفت هيئة دفاع تبعث الأمل في مهنة الضمير والعدل، رغم شواهد لا تبشر به.
مُنع الدفاع في البداية من الاطلاع على كامل أوراق القضية التي على أساسها حُكم على عبد الخالق بالسجن خمس سنوات، ثم سُمح له بالاطلاع فقط دون الحصول على نسخة رسمية، كما مُنع من تسجيل كامل أسماء أعضائه. ولم تستجب المحكمة لطلبات الدفاع بضم بيانات ووثائق ترتبط بانتقاد الباحث لمشروع العاصمة الإدارية.
وفي هذا الصدد، أثبت الأستاذ خالد علي المحامي، كما يوضح الأستاذ نبيه الجينادي المحامي، عددًا من الطلبات وفقًا لعناصر الدعوى الجنائية التي وردت في حكم أول درجة، والذي جاء به أنه تنفيذًا لقرارات النيابة العامة ورد تقرير بالقضية من وزارة المالية والإسكان وشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية ردًا على مقطع فيديو محرز في القضية يتحدث فيه الأستاذ عبد الخالق فاروق عن انتقاداته لمشروع العاصمة الإدارية.
وجاء بالتقرير أن:
(العاصمة الإدارية مشروع ذاتي التمويل، وأنها نقلة نوعية في مجال التنمية، حيث نجحت العاصمة في تخفيف عبء كبير متمثل في التكدس والاختناق داخل القاهرة الكبرى، وبالتالي تحسين جودة الحياة وصحة المواطن المصري التي لا تُقدّر بثمن، وأن العاصمة الإدارية وفرت أكثر من مليون فرصة عمل في مشروعات التشييد والبناء، مما يساهم في التأثير الإيجابي على معدلات البطالة، وقد بلغ إجمالي ما تم سداده أو تسويته لصالح مصلحة الضرائب المصرية متمثلًا في ضريبة القيمة المضافة ومبالغ تحت حساب نتائج أعمال شركة العاصمة الإدارية الجديدة حتى ١٣ مايو ٢٠٢٥ مبلغًا قدره ١٥.٢٤٢ مليار جنيه، وأن هيئة المجتمعات العمرانية تساهم بنسبة ٤٩٪ في أصول شركة العاصمة الإدارية).
ولإيضاح أسباب ومبررات انتقاد الأستاذ عبد الخالق فاروق لمشروع العاصمة الإدارية، طلبنا من المحكمة ما يلي:
١- ضم بيان من مجلس الوزراء موضحًا به إجمالي القيمة الإيجارية التي يتم دفعها شهريًا لإيجار مقار الوزارات والهيئات الحكومية بالعاصمة الإدارية.
٢- تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية عن الفترة من ٢٠١٦ حتى مايو ٢٠٢٥.
٣- بيان من وزارة الإسكان بحجم القروض التي حصلت عليها الوزارة وكافة الهيئات التابعة لها، وخاصة هيئة المجتمعات العمرانية وصندوق الإسكان الاجتماعي خلال الفترة من ٢٠١٦ حتى مايو ٢٠٢٥.
٤- ضم بيان بكافة المصروفات التي أنفقتها وزارتا الإسكان والنقل والهيئات التابعة لهما، مثل هيئة المجتمعات العمرانية وهيئة الطرق والكباري والهيئة القومية للأنفاق.
إلا أن المحكمة لم تستجب لأي من هذه الطلبات رغم جوهريتها في دفاع المتهم لإثبات أن انتقاداته لمشروع العاصمة الإدارية لها أصل في الواقع، وأن النيابة تجاهلت طلب هذه البيانات أثناء التحقيقات رغم أنها تثبت براءة المتهم.
وإزاء ذلك، طلب فريق الدفاع رد المحكمة، فجاء القرار بالتأجيل إلى جلسة ٦ نوفمبر لاتخاذ إجراءات الرد.
وحضر من فريق الدفاع الأساتذة:
كمال أبو عيطة، وفاء المصري، ماهينور المصري، ماجدة رشوان، وائل نصار، علي أيوب، إبراهيم العزب، محمد عبد العزيز، إبراهيم عبد المنعم متولي، وعمرو إمام.
