أشار الدكتور أبو خضرة لـ”القصة”، إلى أهمية أنظمة النقل متعددة الوسائط، التي تعتمد على تنويع بدائل النقل، إذ يكون جزءا من الرحلة عبر النقل البحري والآخر نقل سطحي أو بري عبر السكك الحديدية أو الطرق، هذا النظام يقلل من زمن الرحلات ويحقق فوائد اقتصادية ومالية كبيرة، تؤثر بشكل مباشر على أسعار المنتجات المقدمة للمستهلكين. وهو ما يعمل على جذب الاستثمار والمستثمرين وتوفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
دور الجسر العربي في تطوير الاقتصاد
وأضاف أن الجسر المزمع إنشاؤه بين مصر والسعودية يعزز الربط التجاري بين القارتين ولا يقتصر فقط على الدولتين، يشكل الجسر فرصة لتوفير وظائف جديدة وجذب المزيد من الاستثمار والمستثمرين وتعزيز التجارة، ما يدعم المنافسة الدولية ويعزز من مكانة مصر في حركة التجارة العالمية.
الموانئ المصرية
وأردف أن موانئ بورسعيد والسخنة والسويس معدل الانحراف عن خط الملاحة والتجارة العالمية يصل فيها إلى صفر وتعمل الدولة المصرية على تطوير الموانئ وعمل وتحديث البنية التحتية فيها، وهذا التطوير يشمل تحسين الربط بين الموانئ من خلال عمل محاور لوجستية من سكك حديدية، وطرق وربط البحر الأحمر مع البحر المتوسط، مما يزيد من حصة مصر من حجم التجارة العالمية.
وأكد أن الموانئ المصرية، وعلى سبيل المثال مينائي دمياط والإسكندرية شهدتا تطوراً ملحوظاً، ومن المتوقع أن يجتذب ميناء دمياط بعد تطويره 1.2 مليون حاوية ترانزيت من موانئ شرق المتوسط، مما يعزز منافسته أمام الموانئ المجاورة في إسرائيل وتركيا، من هنا بادرت بعض دول الجوار للتكامل في حركة التجارة والخدمات البحرية مع الدولة المصرية مثل تركيا وقبرص واليونان وغيرها من دول العالم.
واختتم حديثه بأن قناة السويس تشهد عبور حوالي 15% من حجم التجارة العالمية و30% من حجم تجارة الحاويات حول العالم بخلاف ناقلات النفط والغاز الطبيعي، ما يجعل لها أهمية استراتيجية في الاقتصاد العالمي، رغم المحاولات لتحويل التجارة إلى مسارات بديلة، فإن قناة السويس تظل -التي تعد أهم ممر مائي في العالم- لا بديل لها ولا غنى عنها.
وأكد الدكتور ياسر شحاتة، رئيس قسم إدارة الأعمال بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة 6 أكتوبر، أن مشروع الجسر البري بين مصر والسعودية يمثل خطوة محورية نحو تعزيز التكامل الإقليمي.
وأوضح لـ”القصة”، أن المشروع ليس مجرد رابط جغرافي بين دولتين تعدان الأكبر على ساحل البحر الأحمر، بل يمتد دوره ليعيد تشكيل أنماط النقل والتجارة في المنطقة بأسرها.
وأشار شحاتة إلى أن الجسر، في حال تنفيذه، سيحدث نقلة نوعية في حركة البضائع والأفراد، وسيفتح آفاقاً جديدة للربط الاقتصادي بين قارتي آسيا وإفريقيا، موضحاً أنه يمنح مصر والسعودية مكانة بارزة في شبكة الممرات اللوجستية العالمية.
وأكد العمق الاستراتيجي للمشروع، إذ يعكس رؤية مشتركة لتوظيف الموقع الجغرافي المتميز لكلا البلدين.
وعدد شحاتة الفوائد المتوقعة من الجسر على المستويين المصري والسعودي؛ فمن الجانب المصري، سيتيح المشروع فرصة لتنويع المنظومة التجارية بجانب قناة السويس، بالإضافة إلى تعزيز خطط تنمية سيناء من خلال جذب استثمارات جديدة في قطاعات النقل والخدمات والسياحة، ومن الجانب السعودي، يوفر الجسر منفذًا بريًا مباشرًا نحو إفريقيا، بما يدعم خطط التنمية الاقتصادية الكبرى في البحر الأحمر والمناطق التنموية الجديدة التي تعمل عليها المملكة.
وأضاف، أن المشروع لا يقتصر على تسهيل الحركة فقط، بل يسهم في إعادة هيكلة حركة التجارة بين الخليج وشمال إفريقيا، ما يعزز قدرة المنطقة على استقطاب خطوط الإمداد العالمية وتقليل الاعتماد على مسارات طويلة وتكاليف مرتفعة.
وفيما يتعلق بالتحفظات الإسرائيلية، لفت إلى أنها ذات أبعاد جغرافية وأمنية واقتصادية، فإسرائيل تنظر بعين القلق إلى وجود منشآت قريبة من مضيق تيران قد تؤثر على الملاحة باتجاه ميناء إيلات، وهو ما تعتبره مسألة ترتبط بأمنها البحري، بالإضافة لذلك، ترى إسرائيل أن الجسر قد يقلل الجدوى الاستراتيجية لبعض مشاريعها القائمة، كالممرات البرية والموانئ التنافسية في البحرين الأحمر والمتوسط.
أما الموقف الأردني، فأوضح شحاتة أنه يتسم بالحياد الحذر، إذ يرى الأردن أن تطوير ممر بهذا الحجم قد يؤثر على شبكاته الملاحية ومساراته التجارية الحيوية. ومع ذلك، ينتظر الأردن دراسة الآثار التنموية طويلة الأمد التي قد ينجم عنها تنفيذ المشروع، مع الأخذ في الاعتبار حساسية الأوضاع الإقليمية.
وأوضحت إنجي بدوي، باحثة متخصصة في الشأن الإسرائيلي، أن إسرائيل رفضت إنشاء الجسر الرابط بين مصر والسعودية في السابق بسبب بنود مرتبطة باتفاقيات السلام التي تضمن الوصول إلى البحر الأحمر، مشيرا إلى أن إقامة جسر بين البلدين قد تعيق وصول إسرائيل إلى البحر الأحمر، نظرًا لعدم وجود تطبيع كامل مع السعودية، مما أثار جدلًا حول تأثير المشروع على الأمن القومي الإسرائيلي.
وأضافت أن هذا الجدل بدأ في عام 2011، ثم عاد للظهور في 2016 و2017، إذ سادت تصريحات تشير إلى إمكانية الموافقة على الأمر بشرط نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، وبعد ذلك تم تنفيذ الخطوات المتفق عليها وبدأ العمل على المشروع، وفي عام 2023 صرحت إحدى الصحف العبرية بأن إنشاء الجسر قد يفتح الباب للسياحة الإسرائيلية إلى السعودية مستقبلًا.
إلى جانب ذلك، لا تزال هناك مخاوف إسرائيلية تتعلق بسيطرة السعودية على منافذ خليج إيلات وأثر ذلك على حركة التجارة.
