في الوقت الذي يسعى فيه العالم لاستعادة استقراره الصحي بعد سنوات من مواجهة جائحة “كوفيد-19″، يعود القلق العالمي ليتجدد مع ظهور واحدة من أخطر الفيروسات النزفية المعروفة للبشرية، “فيروس ماربورغ”.
الفيروس الذي ارتبط اسمه بمعدلات وفيات مرتفعة وطرق عدوى معقدة، أعاد لفت الأنظار من جديد بعد إعلان السلطات الصحية في إثيوبيا عن اكتشاف حالات يُشتبه في إصابتها، ما أثار مخاوف إقليمية بشأن احتمالية امتداد العدوى عبر الحدود، خاصة في ظل ضعف الأنظمة الصحية في عدة دول إفريقية.
فيروس ماربورغ
يُعد فيروس ماربورغ من عائلة الفيروسات نفسها التي ينتمي إليها فيروس الإيبولا (Filoviridae)، ويمتاز بقدرته العالية على التسبب في حمى نزفية قاتلة.
تم اكتشاف الفيروس لأول مرة عام 1967 في ألمانيا، أثناء إجراء أبحاث على نوع معين من النسانيس الأفريقية، مما أدى إلى إصابة عدد من الباحثين والعاملين في المختبرات.
ظهور الفيروس في إثيوبيا
أعلنت الهيئة الإثيوبية للصحة العامة عن تسجيل حالات يُشتبه بإصابتها بفيروس ماربورغ في إحدى المناطق الجنوبية، حيث ظهرت أعراض متوافقة مع الحمى النزفية الحادة.
وبحسب بيان السلطات الصحية هناك، فقد بدأت فرق الاستجابة السريعة في فحص المخالطين وتتبع سلسلة العدوى، بينما تم إرسال عينات الفحوصات إلى معامل متقدمة للتأكد من النتائج.
كما أكدت منظمة الصحة العالمية أنها تتابع الوضع عن كثب، في ظل مخاوف من أن يتحول الأمر إلى فاشية جديدة داخل المنطقة، خاصة مع وجود تواصل بشري نشط بين القرى والمناطق الحدودية.
كيف ينتقل فيروس ماربورغ؟
تشير البيانات العلمية إلى أن الفيروس ينتقل في بدايته من الخفافيش (خاصة فصيلة Rousettus) أو النسانيس عبر التعامل المباشر معها، ثم ينتقل بين البشر من خلال ،ملامسة سوائل الجسم المصابة ،او التعامل مع المريض دون ارتداء معدات الوقاية أو ملامسة الأسطح الملوثة بإفرازات المصابين.
وتُعد بعض الدول الإفريقية مثل أوغندا ونيجيريا وغانا بؤراً طبيعية لوجود الفيروس في الحيوانات، وقد سُجلت فيها فاشيات صغيرة على مدار العقود الماضية.
مراحل تطور المرض
أوضح فايد عطية أستاذ الفيروسات والمناعة بمدينة الأبحاث العلمية بالإسكندرية وخبير الأمراض المعدية بكلية الطب جامعة شانتو بالصين،انه يمر المريض عادة بمراحل متسارعة من تطور المرض.
وتتمثل الأعراض بداية من ارتفاع شديد في درجة الحرارة،ثم قيء وإسهال، بالاضافة الي السعال، وآلام وتكسير في الجسم. وفي الأيام المتتاليه يحدث هبوط حاد في الدورة الدموية ونزلة معوية شديدة و جفاف متسارع
وتتمثل الأعراض في الاسبوع الثاني وهي أخطر المراحل التي تمر علي المريض ، حيث يبدأ المريض بالنزيف من مختلف فتحات الجسم نتيجة انهيار الجهاز الوعائي، ما يؤدي في كثير من الحالات إلى فشل الأعضاء ثم الوفاة، وتصل نسبة الوفيات إلى 88–90%، ما يجعل ماربورغ من أشد الفيروسات فتكًا بالإنسان.
هل يمكن أن يتحول ماربورغ إلى وباء عالمي؟
يرى فايد عطية أن انتشار الفيروس على نطاق عالمي واسع غير مرجح، وذلك لمحدودية طرق انتقاله مقارنة بالفيروسات التنفسية وايضا عدم وجود تفاعل يومي مباشر بين البشر والخفافيش والنسانيس.
وأوضح أنه ومع ذلك فهو لن يكون جائحة ولا يمكن أن يكون فاشية وهي جائحة صغيره ويمكن التعامل معاها بسهوله
التشخيص وطرق الكشف عليه
عادة ما يحدث خلط بين فيروس ماربورغ وأمراض النزلات المعوية بسبب تشابه الأعراض الأولية، إلا أن التشخيص الدقيق يتم عبر اختبار ELISA، وفحوصات PCR ،والفحص الطبي الإكلينيكي المتعمق
رغم خطورة فيروس ماربورغ وقدرته على التسبب في وفيات مرتفعة خلال أيام قليلة، فإن التفشي الحالي في إثيوبيا يبدو قابلاً للاحتواء طالما التزمت السلطات بإجراءات العزل والتتبع، وطالما بقيت طرق انتقاله محصورة في نطاق التلامس المباشر.
ومع ذلك، يظل ظهور مثل هذه الفيروسات تذكيرًا صارخًا بأن العالم لم يتجاوز بعد تهديدات الأمراض الناشئة، وأن اليقظة الصحية ضرورة وليست رفاهية.
وبينما يراقب الخبراء الوضع في إثيوبيا عن قرب، يبقى الوعي المجتمعي والاستعداد الطبي هما الحائط الأول لحماية المجتمعات من أي سيناريو أخطر.
